نحن بالفعل فى قلب الفصل 80 دون أن ندرى ...

نحن بالفعل فى قلب الفصل 80 دون أن ندرى ...

بقلم : محجوب لطفى بلهادى

1- فى القراءة الدستورية للنص :
ينص الفصل 80 من الدستور  بمنتهى الوضوح على التالى : "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب. ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.
وبعد مُضيّ ثلاثين يومًا على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يُعهَد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانًا في ذلك إلى الشعب".
بالفعل تتميز مختلف بنود الدساتير فى العالم  من حيث "صناعة النص الدستورى" juridisme تأتى : 
-  عامة من حيث ارسائها لقواعد التنظيم السياسى للدولة،  
- متناسقة لا يكتنفها الغموض او الاضطراب بين مختلف الفصول،  
- ومختصرة بشكل يسمح للقوانين (سواءا كانت عادية او اساسية) من هامش حركة يٌمكّنها من تنزيل مواد الدستور على أرض الواقع بالسلاسة المطلوبة.
فى العموم لم يشذ دستور 2014  (باستثاء عدد من الفصول التى أتت مبهمة وغير  متناسقة فيما بينها بفعل المخاض السياسى العسير التى عرفته البلاد انذاك )  عن هذه العرف او التقليد الدستورى السائد فيما عدى الفصل 80 الذى أتى- كما تلاحظون - فى غاية من التدقيق الزمنى والتفصيل المؤسساتى والاجرائى بشكل صيّره الى فصل لا يحتمل اية قراءة بهلوانية حمّالة أوجه  او عملية جراحية "لشد الوجه" مهما كان مصدرها... 
باختصار شديد،  يمكن توصيف الفصل 80 من الدستور فقهيا من النصوص "الناطقة" و"المكشوفة الوجه" التى يستحيل تفعيلها فى الوقت الراهن فى ظل الغياب الممنهج "للمحكمة الدستورية"... 
اذا كيف يمكن اختراق أسوار  هذا الفصل اللعين  المستعصي على الجميع بما فيهم أساقفة القانون الدستورى ، فى مقدمتهم بطبيعة الحال أستاذ القانون الدستورى برتبة "كردينال"  السيد "امين محفوظ"  ؟ 
 
2- فى مخاتلة للنص الدستورى : 
بمنتهى البساطة  ما لم يمكن تحقيقه بطريقة "الدفع بالحاضر" يمكن الحصول عليه بالية "التقسيط المريح" ..  وبما ان "جميع الطرق تؤدى الى روما" فمن الممكن تفعيل الفصل 80 بالكامل من خارج منطوق الفصل  وذلك من خلال فرض تدريجى لواقع سياسى جديد فى طور التشكّل، خاصة وان البلاد تواجه خطر داهم بصيغة الجمع تداخل فيه الوباء البيولوجى بالوباء السياسوى...
 فتتالت المبادرات والنداءات وحتى التوسّلات لتفعيل الفصل 80 من الدستور  آخرها الصادرة عن الاميرال "العكروت" الذى لم يتخلص مثل غيره من سندروم "قرطاج" الرهيب ..وليكتمل بناء "الدّالة"  بات من الضرورى الالتجاء إلى تكتيك "التدرّج والتقسيط" : 
-    القسط الأول  :  وضع عدد من المدوّنين  تحت طائلة القضاء العسكرى بتهمة "الاساءة لرئيس الجمهورية" ،
-    القسط الثانى  : التوجه فعليا نحو وضع أوزار "الحرب على الكورونا" تحت قيادة المؤسسة العسكرية ليصبح المدير العام "للصحة العسكرية" وزير الصحة الفعلى... 
-    القسط الثالث والأخير : من المتوقع ان يتم اقرار" حالة الطوارئ الصحية " فى قادم الايام بمقتضى الصلاحيات الدستورية المٌسندة لرئيس الجمهورية بصفته رئيس "مجلس الامن القومى"...  
-    والبقية تأتى...
دون أدنى شك، يمكننا ان نتفاخر اليوم بين الأمم والشعوب بهذا "الاعجاز التونسى الجديد" وان نٌعلّم العالم كيف تٌطبخ  فصول الدساتير المستعصية سلّة سلّة على نار هادئة ...
 

التعليقات

علِّق