الضربة القاضية والنقاش المغلوط حول الفصل 80 من الدستور !

الضربة القاضية والنقاش المغلوط حول الفصل 80 من الدستور !

بقلم : محجوب لطفى بلهادى

كان من المفترض ان تٌحسم معركة كسر العظام بين "قرطاج" و"القصبة" لصالح هذا الطرف او ذاك منذ أكثر من ستة أشهر خلت.. فالأزمة  استفحلت ولم تعد  تحتمل وضعية لا خاسر ولا منهزم.. فحتى ايقاف المعركة باحتساب تسجيل النقاط لم تعد كافية.. فكان لا بد من ضربة قاضية وإيقاف المقابلة برمى المنديل، فجاءت  لكمة الرئيس  مباغتة وحاسمة أوقعت "المشيشى وشركاءه" أرضا لتغلق قوس " حرب المؤسسات" ولو لحين ...

قٌبيل يوما واحد، كنت قد توقّعت حدوث ذلك فى مقالى المعنون : " نحن بالفعل فى قلب الفصل 80 دون ان ندرى..." (اضغط هنا) حينها دوّنت بان الرئيس مقدم على اتخاذ حزمة من القرارات الحاسمة من خارج أسوار النص الدستورى والحيّز الاجرائى للفصل 80 بالتحديد...

قرارات فتحت شهية المتخصصين و"المتفقهجين" على حد السواء من خلال إثارة نقاش مغلوط وعقيم - فى اعتقادى وقناعتى طبعا -  يدور فى فلك       :  

  • مدى احترام القرارات الاستثنائية المتخذة لأحكام الدستور عامة ومقتضيات الفصل  80 بالخصوص ؟ 
  • هل نحن حيال انقلاب على الدستور لا غبار عليه كما ذهب اليه الاستاذ "عياض بن عاشور" أم ان المسألة أكثر عمقا وتعقيدا تتجاوز أفق النص الدستورى ؟

بمنأى عن فخاخ المواقف السياسية المسبقة أو الانحياز لهذا الطرف أو ذاك تٌعد قرارات ليلة 25 جويلية الرئاسية سليمة  من الوجهة الواقعية والقانونية وكل طعن قضائى لاحق بدعوى "الانحراف بالسلطة" من المرجح جدا أن تكون مالاته الرفض من قبل المحاكم.

كيف ؟

 

1- من الناحية الواقعية

  • تعيش بلادنا بشهادة الجميع فى الداخل والخارج حالة من الخطر الداهم بصيغة الجمع من شأنه أن يهدد الدولة فى وجودها .
  • نرزح تحت طائلة قانون الطوارىء لسنة 1978 منذ 24 نوفمبر 2015 ،
  • نخوض منذ أكثر من سنة حالة حرب حقيقية ضد الكوفيد-19 التى ازهقت عشرات الالاف من الأرواح وأدخلتنا فى نفق "الحجر الصحى  الشامل وأخواته" المظلم موضوع الأمر الحكومى عدد 156 لسنة 2020 المؤرخ في 22 مارس 2020 ،
  •  اقتصاديا نحن فى حالة شبيهة بالافلاس المؤجل بصيغة "ايقاف التنفيذ" او ما اصطلح عليه شعبيا بعبارة "السرسى"،
  • اجتماعيا نحن على بعد أمتار  قليلة من حدوث  انفجار مجتمعى مدمّر،
  • الخ الخ   

 

2- من الناحية القانونية 

 ان ما اتخذه الرئيس من قرارات استثنائية ليست اكتشافا جديدا للعجلة بل يدخل ضمن ما استقر عليه "الفقه" "وفقه القضاء" المقارن بما يعرف فى القانون الادارى والدستورى بنظرية " حالة الضرورة" التى :

  • شهدتها العديد من التجارب المقارنة خاصة فى فترات الازمات الكبرى والحروب 
  • تم تأصيلها وتطويرها نظريا من قبل نخبة من فقهاء القانون الإدارى والدستورى فى العالم بموجبها يتسنى للدولة بصفة استثنائية عندما تكون مهددة فى كينونتها ووجودها - ما ينطبق تماما على الحالة التونسية الراهنة - اتخاذ إجراءات غير متطابقة أو مخالفة للمعايير القانونية والدستورية لدولة القانون Etat de droit  شريطة أن تزول الإجراءات بزوال أسبابها والعودة سريعا إلى منطق دولة القانون لا غير...  
  • تم ترجمتها فعليا فى  "فقه القضاء" المقارن عبر سيل من قرارات المحاكم  التى أجازت اتخاذ مثل هذه الاجراءات عندما يتعلق الامر بتهديد مباشر وخطير للسلم الأهلي ولأركان الدولة...

 

 فان خالف الرئيس المقتضيات الشكلية للفصل 80 فانه حافظ على بقاء الدولة او ما تبقى منها، وبمقارنة محاسبتية بسيطةun simple comparatif comptable  ما الجدوى من احترام الفصل 80 والمعبد (الدولة ) يتهاوى من حولنا ؟

التعليقات

علِّق