"والجهل يهدم بيت العز والكرم"

"والجهل يهدم بيت العز والكرم"

بقلم نوفل بن عيسى

 

قال تعالى:  "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".
وأول لفظ نزل في صيغة الأمر في فاتحة القرآن هو "اقرأ" أي قبل الأمر بالصلاة والزكاة والصوم وفي هذا دليل على أولوية العلم في الاسلام وأهميته ومنزلته.

وفي العشر سنوات التى تلت ثورة الكرامة، تمكنت النهضة - وهي حركة ذات مرجعية اسلامية - من التمركز في الحكم بنسب متفاوتة وكان من المفروض أن تعمل على اتباع ما أتى الله به من أوامر في كتابه وأولها جعل العلم والتعلم والتعليم اولوية في سياسة الدولة. ولكن ما نلاحظه أن استثمارات الدولة في هذا المجال لم تشهد تطورا بل بالعكس تراجعت قطاعات التربية والتعليم والثقافة بشكل ملحوظ على كل المستويات حتى صار الناس يلجؤون الى تعليم ابنائهم في المدارس والجامعات الخاصة أو الاجنبية التي تكاثرت في تونس، جراء ذلك، بشكل ملحوظ، كما أن العديد من الاولياء -وحتى محدودي الدخل منهم- اختاروا بعث ابنائهم يزاولون تعليمهم بالخارج برغم ما يكلف ذلك الاسر من تضحيات مالية جسيمة في وقت صارت فيها العملة التونسية "ما تعمل شيء".
واضافة لما سبق فان الانقطاع عن الدراسة صار ظاهرة خطيرة وحتى أن تفاقم بطالة حاملي الشهادات العليا المعطلين عن العمل زاد في تقلص قيمة العلم والتعلم في تونس.
وكل هذا يدل على ما آل إليه التعليم والعلم في تونس عشر سنوات بعد ثورة خلناها ستأتي بالشغل والحرية والكرامة الوطنية واذا بها أتت بالجهل والعنجهية والهمجية وسياسيين ومسؤولين محدودي العلم والمعرفة والثقافة وفي هذا فشلت النهضة ومن معها وقد كان بالامكان أفضل مما كان.
وقد بدأ هذا التقهقر في مستوى التعليم في تونس منذ بدأ التخلي على الجانب التربوي وتهميش النشاط الفني والرياضي في المؤسسات التعليمية ثم انهارت بسياسة "التعريب" زمن الوزير الأول محمد مزالي وكانت الضربة القاضية عندما اعتمد نظام بن علي نسبة 25% المشؤومة في احتساب معدل الباكالوريا.
وعندما ازيح هذا الأخير من السلطة تغيرت موازين القوى في الحكم لصالح من كانوا من معارضيه وعوض البدء برد الاعتبار للعلم والتعليم والثقافة في بلد نخره الجهل وادرك اسفل المراتب في نسبة القراء ومن اعتادوا المطالعة انصرف حكام البلاد الجدد الى تقاسم غنائم الثورة وكعكة الحكم مع من كانوا يعادونهم وتركوا الحبل على الغارب وبدأت نسبة التمدرس في التراجع والجهل والهمج والتسيب والاجرام في النمو وغاب عن الذين يرفعون راية الاسلام أن الجهل والايمان لا يلتقيان حيث أمر الله بالقراءة والتعلم وميز العلماء عن عامة الناس إذ "العلم يبني بيوتا لا عماد لها... والجهل يهدم بيت العز والكرم".

التعليقات

علِّق