فضيحة دولة بامتياز : إلى متى يتواصل استغلال هؤلاء وإهانتهم وعددهم لا يتجاوز بضع مئات ؟
نفّذ عدد من أصحاب الشهائد العليا العاملين على حساب الحظائر يوم أمس وقفة احتجاجيّة للمطالبة بحقهم المتمثّل في تنفيذ اتفاق تم سابقا بين حكومة المشيشي والاتحاد العام التونسي للشغل ونشر في الرائد الرسمي للبلاد التونسية ويقضي بتسوية وضعياتهم على خمس دفعات ( دفعة كل عام ) وترسيمهم بمراكز العمل التي يباشرها أغلبهم منذ 2011.
وقد تم في ذلك الاتفاق التنصيص على أربعة معايير للمفاضلة بين هؤلاء في ما يخص من هم أحقّ بالتسوية قبل غيرهم . وهذه المعايير هي المستوى الدراسي والأقدمية في الخطط التي يباشرونها والسنّ والحالة الاجتماعية أي أن يكون المعني متزوّجا أو أعزب أو يعيل أبويه وما إلى ذلك.
وقد استمعت إلى شابين تحدّثا من خلال الوطنية الأولى فأوجزا وشرحا الوضعية التي يعيشونها وهي ليست فقط فضيحة بل مجموعة من الفضائح المتجمّعة التي لا تليق بتونس التي يعتقد الكثير منّا أنها أنجزت ثورة للقطع مع أساليب الإهانة و " الحقرة " والكذب والمماطلة والتسويف.
- إن عدد هؤلاء الذين يحملون شهائد عليا ويعملون على حساب الحظائر يناهز 350 شخصا من كافة أو أغلب أنحاء الجمهورية يعمل أغلبهم منذ سنة 2011 بأجر كان آنذاك 240 دينارا فأصبح اليوم لا يتجاوز الأجر الأدنى المضمون وهو 419 دينارا. وهذا في حدّ ذاته فضيحة إذ كيف تسمح " دولة محترمة " لنفسها بتشغيل أصحاب شهائد عليا كل هذه السنوات مقابل هذين الأجرين اللذين يخجل الواحد منّا حتى من ذكرهما؟.
- إن دولة تعجز عن تسوية وضعيات 350 شخصا خلال 10 سنوات لا تستحقّ أن تكون دولة وليس من حقّها بالتالي أن تطالبهم بأي واجب من واجباتهم تجاهها .
- إن دولة تقبل أن تشغّل أصحاب شهادة عليا في " حظائر " و مراكز عمل يتقاضى زملاؤهم المرسّمون فيها أضعاف ما يتقاضون رغم أن بعضهم ليس له مستواهم التعليمي هي دولة مستغلّة ولا تعطي قيمة لشهائد هي التي تسندها ... وهذا أيضا فضيحة.
- إن دولة تنشر اتفاقا في رائدها الرسمي متضمّنا كل ما تم الاتفاق عليه ثم تقوم بالتنصّل منه وتفاجئ هؤلاء " بطلعة " جديدة تمثّل بالنسبة إليهم طعنة من الخلف ونوعا واضحا من الغدرة لا يمكن أن تكون دولة . وحتى نفسّر هذه النقطة فقد أفاد الشابان أمس على الوطنية الأولى بأن الدولة أسقطت 3 معايير متّفق عليها وأبقت على معيار واحد وهو معيار السنّ. ومن هنا انقلبت المعادلات إذ أصبح أغلب هؤلاء ينتمون إلى الدفعتين الخامسة والرابعة ... وهذا يعني بكل بساطة أنه لن يتم انتدابهم بصفة رسمية إلا بعد 4 أو 5 سنوات.
- إن دولة لا تحترم مبدأ تواصل الدولة وتتصرّف بمفردها في اتفاق منشور بصفة رسمية بالرائد الرسمي فتلغي منه ما تشاء وتبقي على ما تشاء ليست دولة يمكن التعويل عليها في تسيير شؤون الناس في أي مجال من المجالات.
- إن دولة تتنكّر لتعهّداتها مع أبنائها ومع شريكها الاجتماعي ( الاتحاد ) لا يمكن لها مستقبلا أن تطالب المواطنين باحترام ما يربطهم بها من واجبات . فهي في نظرهم لا تتمتّع بالمصداقية .
- وعلى ذكر الشريك الاجتماعي فقد سئل الشابان عن موقف الاتحاد من هذه المشكلة الفضيحة فقالا إن الاتحاد " وعد بالنظر فيها " والحال أنه يعرفها جيّدا وهو من أمضى عليها مع الحكومة وقد كان عليه أن يتبنّى فورا تحرّك هؤلاء الشباب وأن يضغط على الحكومة لتقوم بتنفيذ اتفاق هي ملزمة بتنفيذه مهما كانت الظروف والتعلّات.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق