الوضع الاقتصادي: ويبقى الأمل قائما
لابد ألا ننسى ونحن نمر بفترة اقتصادية صعبة خاصة بعد صدور تقرير صندوق النقد الدولي حول أداء الاقتصاد التونسي وقرار تخفيض وكالة موديس للتصنيف الائتماني الترقيم السيادي لتونس الى" ب " سلبي مع افاق سلبية أن التعافي ممكن. المهم هو أن لانترك الإحباط يزعزع إرادتنا. فالثقة عنصر أساسي في بناء الاقتصاد. تحليل.
56بالمائة من مجموع 145 شركة عضوة في الغرفة التجارية التونسية-الفرنسية تم استطلاع ٍ رأيها في فيفري 2021 تنتظر إما تطورا في رقم معاملاتهما أو على الأقل ألا يتراجع هذا الرقم خلال السنة الحالية. 49 في المائة من عامة التونسيين لا يحملون تفاءلا بالنسبة إلى المستقبل حسب دراسة أجريت في نفس المدة الزمنية. يطلع التونسي بشيء من الانتظام على هذا النوع من المعطيات دون أن يوليها أحيانا الأهمية التي تستحق.
والحال أن المعنويات أي ما يعرف ب "موقف الفرد أو الجماعة من الثِّقة بالنَّفس أو الغير" (أنظر معجم المعاني العام على الأنترنات) تشكل عنصرا أساسيا وفاعلا بالنسبة إلى الحياة الاقتصادية للشعوب. فالمعروف في هذا المجال أن الأنشطة الاقتصادية تنمو عندما تكون المعنويات مرتفعة.
على الأقل يمكن القول بإن المعنويات المرتفعة تشجع المستثمرين ورجال الأعمال على المضي قدما في الكد والاجتهاد وأن العكس يولد بالطبع العكس. هذا على الأقل ما تؤكده أدبيات الاقتصاد. وقد تم في الصدد اعتماد ما يسمى بمؤشر جامعة الميشيغان وهي جامعة تتموقع في ولاية تطل على البحيرات الكبرى شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية.
توقعات إيجابية
يهتم مؤشر جامعة الميشيغان بمدى ثقة الأسر في اقتصاد البلاد ويتم إعداده بفضل قيس ثقة 500 مستهلك يقع استطلاع أرائهم خاصة حول ما قد ينوون برمجته من شراءات في المستقبل القريب وحول تصوراتهم فيما يتعلق بأداء الاقتصاد عامة خلال الفترات القادمة. يحدد هذا المؤشر كل شهر من خلال احتساب الفرق بين الأجوبة التي تحمل توقعات إيجابية وتلك التي تحمل على العكس تماما إيجابيات سلبية.
وقد أصبح هذا المؤشر يعتمد في كثير من دول العالم ومن بينها بلادنا للاستئناس بنتائجه قبل أخذ أي قرار خاصة عندما يتعلق الأمر بالدخول في عمليات إنتاج أو إحداث فرص عمل جديدة من قبل المستثمرين وهما مسألتان متلازمتان أيما التزام.
هذا وقد أكد عالم الاقتصاد الأمريكي المعروف جون مينارد كينز هذا الأمر بكثير من الوضوح. فقد قال في مؤلفه " النظرية العامة حول العمالة والفائدة والمال" الذي صدر سنة 1936 أن رجال الأعمال لا يدخلون معترك الاستثمار انطلاقا من عناصر موضوعية وبفضل تحاليل عميقة ودراسة للفرضيات بل بناء على عفويتهم وغرائزهم وتقليد للمستثمرين أخرين.
الخروج تحت طائلة صندوق النقد الدولي
كما عرض الباحث الاقتصادي الدنماركي كريستيان بجورنسكوف عدة دراسات تربط الأداء الاقتصادي الجيد لدولة ما من حيث النمو والتعليم وانخفاض نسب الفساد بمستوى الثقة الاجتماعية المرتفع لسكانها.
ولعل في الأمر عديد الدلالات بالنسبة إلى بلادنا في هذه الفترة الصعبة التي نمر بها اليوم والتي يشعر فيها عديد المواطنين بالإحباط بعد صدور التقرير الذي أعده مؤخرا صندوق النقد الدولي عن أداء الاقتصاد التونسي وكذلك الأمر بالنسبة إلى تخفيض وكالة موديس للتصنيف الائتماني الترقيم السيادي لتونس الى" ب " سلبي مع افاق سلبية.
ودون أن نقلل من شأن حقيقة أن البلاد تمر بفترة عسيرة وهو ما تبرزه الأرقام بجلاء فيتوجب القول إن تحسين أداء الاقتصاد وعودة العافية إليه ليس بالأمر المستحيل. وذلك إذا قررت البلاد أن تسير في طريق الإصلاح. وقد سبق لها أن عرفت فترة حرجة على غرار سنة 1986 عندما قررت اعتماد برنامج الإصلاح الهيكلي الذي أتى بثماره. الشيء الذي جعل بلادنا تخرج من تحت طائلة صندوق النقد الدولي لسنوات عديدة.
والمهم من هذه الزاوية ودون كذلك أن نواجه صعوبات الوضع الحالي بالاستخفاف وعدم التحرك لإيجاد الحلول الازمة فإنه من الضروري ألا نفقد الأمل وأن نؤمن بأن لا شيء مستحيل في المطلق. وهو ما يعيدنا إلى مربع الثقة بالنفس والاعتقاد الجازم بأنه بالإمكان تذليل كل الصعاب. مهما كانت.
بقلم : محمد قنطاره
التعليقات
علِّق