نعم الحكومة تشكّلت...

نعم الحكومة تشكّلت...

بقلم : محجوب لطفى بلهادى

المسار النمطى  المُتعارف عنه عند تشكيل الحكومات فى العالم أنه ينطلق  بتعيين رئيس حكومة أو رئيس وزراء  ثم يقع تكليفه  بتشكيل حكومته التى يتم اقتراحها على رئيس الجمهورية (فى النظم الرئاسية) او عرضها لنيل الثقة أمام البرلمان (فى النظم البرلمانية او تلك الهجينة ) ...
واعتبارا أن لكل قاعدة استثناء، فإن مقاربة رئيس الجمهورية جاءت مختلفة وغير نمطية عن التقليد السياسى السائد الا انها بالمقابل تمت فى انسجام كامل مع رؤيته السياسية فى اعادة البناء "من تحت الى فوق" أو ما يعرف عنه بنظرية " الهرم  المقلوب"حيث :
1- أنه قلب المنهجية المتبعة فى تشكيل الحكومات  بتعيينه  لعدد من "المكلفين بتسيير الوزارات" قبل تسمية رئيس الوزراء  نفسه واضعا الجميع تقريبا فى حالة من التسلل ...
2- أن عملية تعيينهم تمت بمقتضى أوامر رئاسية بشكل مباشر دون وسيط (رئيس حكومة او وزيرا اول) وذلك عملا بمنطوق الفصل 80 الذى شئنا أم أبينا يتيح لرئيس الجمهورية هامشا كبيرا من الفعل السياسى والمؤسساتى...
3- أنه انطلق فى تعيين  عدد من "المكلفين"  على رأس الوزارات الأشد حساسية فى هذا الظرف الاستثنائي على غرار وزارة الداخلية، وزارة الصحة، وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة تكنولوجيا المعلومات أما ما تبقى من وزارات السيادة التقليدية كالدفاع والعدل فإنهما وضعتا تحت امرته إلى أجل غير مسمى... 
4- أنه تعمّد عند صياغة الاوامر الرئاسية فى التعيين الى اعتبارهم "مكلفين بالتسيير برتبة وامتيازات وزير" عوض عن تسميتهم بشكل صريح ومباشر كوزراء ، فالمكلف بالتسيير لا يتمتع بالسلطة الترتيبية والتقريرية الكافية التى لدى الوزير العادى (حتى وان تمت تسميته برتبة وامتيازات وزير ) بل أنه يستمد سلطاته التنفيذية الحقيقية من رئيس الجمهورية مباشرة...
4-  ان عملية اختيار "المكلفين  بتسيير الوزارات"  تم  من داخل المنظومة المؤسساتية للدولة وليس من خارجها :
-  فالمكلّف بالداخلية إطار سابق بالوزارة،
-  والمكلّفة بالاقتصاد والمالية مديرة عامة سابقة بالوزارة، 
-  والمكلّف بتسيير وزارة الصحة من خيرة القيادات صلب الإدارة العامة الصحة العسكرية، 
-  والمكلّف بتسيير وزارة تكنولوجيا المعلومات، شاب متخصص فى المعلوماتية وباشر العديد من الملفات الحساسة ذات العلاقة بملف الرقمنة...

فى عكسها للتقليد المألوف فى تشكيل الحكومات تثير مقاربة الرئيس العديد من نقاط الاستفهام  فى الداخل وفى الخارج أبرزها من سيكون رئيس الوزراء المقبل ؟ وكيف ستكون صلاحيته بالتحديد ؟
من المرجح ان يّعين رئيس الجمهورية " رئيس وزراء مكلف بمأمورية " Premier ministre chargé de missions تكون شخصية اقتصادية ومالية بارزة ومقتدرة تحظى بثقة الجهات الدولية المانحة وأن تنحصر مهمتها الاصلية فى التفاوض مع  هذه الجهات للتخفيف من تداعيات أزمة المالية العمومية الخانقة التى تمر بها البلاد فى التنسيق بين مختلف الوزارات وان تتولى بشكل فرعى مهمة التنسيق بين مختلف الوزارات لا غير ...
بالمحصلة - خلافا لما يٌعتقد - لقد أنهى الرئيس تشكيل النّواة الصلبة للحكومة الجديدة وذلك فى انتظار ما سيؤول اليه كاستينغ رئيس الوزارء المقبل...        
 

التعليقات

علِّق