ناجي جلّول : بفضل حكومتنا الموقّرة انتقلنا من بلد الياسمين والحياة المرفّهة إلى بلد الإرهاب وتبييض الأموال

ناجي  جلّول : بفضل حكومتنا الموقّرة انتقلنا من بلد الياسمين والحياة المرفّهة إلى بلد الإرهاب وتبييض الأموال


في هذا اللقاء الذي جمعنا به في مكتبه مساء هذا اليوم تحدّث ناجي جلّول  المدير العام للمعهد الونسي للدراسات الاستراتيجية بكل وضوح في محاور عدّة لعلّ أهمّها نظرته إلى " محصول " حكومة يوسف الشاهد وما سبقها من حكومات وتواصل إدراج تونس ضمن القائمة " الملعونة " للدول التي لا تبذل الكثير من الجهد من أجل مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال و تغيير الحكومة الذي كثر عنه الحديث في المدة الأخيرة ونداء تونس الذي لا يمكن لشخص مثله أن يمرّ دون الحديث عنه .
في البداية كيّف تقيّم آداء  حكومة يوسف الشاهد ؟
يشهد الجميع سواء من أصدقاء الحكومة أو من معارضيها بأن الحصيلة سلبيّة  ولم يعرف تاريخ تونس مثيلا لها على كافة الأصعدة تقريبا وخاصة في ما يتعلّق بارتفاع المديونية ارتفاعا كارثيّا واختلال الميزان التجاري والميزان الغذائي  والتضخم المالي الذي يعتبر سرطان الاقتصاد المدمّر  والارتفاع الصاروخي للأسعار وخاصة الأساسية منها  خلافا لما تذهب إليه الحكومة من قول ( على سبيل المثال السميد ارتفع بنسبة 100 بالمائة والفحم الذي يستعمله 80 بالمائة من التونسيين ارتفع بنسبة 206 بالمائة ... واللحم الذي انتقل من 12 دينارا إلى نحو 27 دينارا ) والعديد من المواد الأساسية الأخرى . وقد سبق لنا أن نشرنا أرقاما تؤكّد ما نقول لكن الحكومة كذّبتها . وقد  أدّى  الوضع عموما إلى تدهور مهول في القدرة الشرائية للمواطن وخلق بالتالي حالة من عدم الاستقرار . وقد تأكّد لدينا أن نسبة البطالة لم تنزل عن 15 بالمائة والحال أن  التشغيل كان من أهم ما قامت عليه الثورة  .
وفي ما يخصّ توقعات الحكومة بتحقيق نسبة نموّ  بين 2.5 و 3 بالمائة أعتقد أن ذلك لن يكون كافيا للقضاء على البطالة أو التقليص منها بصفة كبيرة . وهذا دليل على أن الحكومة الحالية ليست ماضية في تحقيق الإصلاحات  التي وعد بها نداء تونس قبل انتخابات 2014  وهو دليل أيضا على التوجّه الليبرالي  للحكومة التي وضعت نفسها على ذمّة الاقتصاد الريعي الذي يخدم مصالح مجموعات متنفّذة ( لوبيّات ) أو لنقل مجموعة قليلة من العائلات التي ارتمت في أحضانها كافة الحكومات التي جاءت بعد الثورة ولا يقتصر الأمر في الحقيقة على حكومة الشاهد فقط .
وهذا الوضع الاقتصادي المتردّي سيزداد  ترديّا  جرّاء الرفع من نسبة الفائدة المديرية من قبل البنك المركزي  إذ ستلتهم الزيادات الأخيرة في الأجور وتدعم عمليّة الكنز المالي وتعمّق جراح الاستثمار في العديد من القطاعات الحيويّة ومن أهمّها قطاع البعث العقاري وما يتبعه من قطاعات .
وماذا عن تواصل " إقامة " تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان التي لا تبدي جديّة كبيرة في محاربة الإرهاب وغسيل الأموال ؟
القائمات السوداء باتت تتهاطل على البلاد وقد تم تصنيفنا بلدا متهاونا في محاربة الإرهاب وغسيل الأموال . وحسب البنوك الأوروبية هناك توجّه نحو مقاطعة البلاد التونسية . وحسب بعض التسريبات أيضا فإن البنك الدولي سيحذو حذو البنوك الأوروبية في هذا التوجه الخطير .  وبفضل حكومتنا الموقّرة انتقلنا من بلد الياسمين والحياة المرفّهة إلى بلد الإرهاب وتبييض الأموال . ولا شك أن حادثة الرقاب تدلّ على تفشّي المال الفاسد الذي يموّل الجمعيات الإرهابية ويؤكّد ناقوس الخطر الذي أطلقه الملاحظون لكن الحكومة بقيت عاجزة  عجزا ربّما يدلّ على تواطؤ أو على تراخ في محاربة الإرهاب . وللأسف الشديد  وعوض أن تعمل الحكومة على إخراج البلاد من هذه القائمات السوداء فقد أجهدت نفسها وأجهدت أصدقاءها لإخراج بعض المتنفّذين من قائمات سوداء أخرى . وهؤلاء المتنفّذون يبدو أنهم سيكونون من مموّلي الحزب الافتراضي الجديد .
كثر الحديث مؤخّرا عن " ضرورة تغيير  الحكومة فكيف ترى الأمر من وجهة نظرك أنت ؟
في تونس أصبح لنا عرف وهو أن كل الحكومات بما فيها حكومة الباجي قائد السبسي تصبح غير معنيّة بالانتخابات . وفي هذا الإطار يتأتّى الموقف الأخير لحركة النهضة  التي طالما دافعت عن الاستقرار الحكومي واليوم تنقلب فجأة على مواقفها  السابقة وخاصة موقفها من رئيس حكومة لطالما احتضنته ودعّمته ورعته . إذن يبدو أن هناك محادثات وتوافقات تحت الطاولة لتعيين رئيس حكومة جديد يخدم مصالح الطرفين : النهضة والحزب الإفتراضي الجديد . وهذا يعني أننا عدنا إلى مسألة ازدواجية الخطاب على غرار " الدعوي والسياسي " بحيث نحافظ على الدعوي ونبيع الإسلام السياسي تحت الطاولة . وفي مسألة الحكومة نحترم العرف ونبيع التحالف تحت الطاولة .  وهنا انتقل الوضع من تلك النغمة القديمة التي تقول : " تورّي نورّي " إلى نغمة جديدة ملخّصها  استراتيجية جديدة تقول : " تخبّي  نخبّي " . ولنا في هذا السياق أن نذكّر بأن السيد رئيس الحكومة كان قد صرّح في أكثر من مناسبة وقال إن وطنيته تمنعه من الاستقالة  و " ترك المركب يغرق " .
نأتي الآن إلى نداء تونس فكيف ترى سبل الخروج من أزماته المزمنة ؟
إنّي أرى أن مفاتيح الخروج من الأزمة تبقى دائما بين يدي الباجي قائد السبسي  الرئيس المؤسس للنداء . كما لا مفرّ من إنجاز مؤتمر انتخابي ديمقراطي لأنه لا صوت يعلو على صوت قواعد النداء التي صمدت أمام رابطات حماية الثورة وهي اليوم صامدة أمام حملات التشويه والهرسلة إلى حدّ أن رعاة الحزب الجديد باتوا يتصلون بقواعد النداء ويحاولون استمالتهم مستعملين كافة وسائل الإغراء . إن  مناضلي النداء وقواعده ( وأنا واحد منهم ) لم نعد نقبل بالقيادات المسقطة وخاصة التي فشلت في تسيير دواليب الدولة قبل  الثورة  لأن حزب النداء أنجب قيادات ويتميّز بتنوّع روافده .نحن لسنا حزبا يساريا أو دستوريا أو يمينيّا . نحن حزب وطني  بورقيبي  يختزل كل  تجربة الدولة الوطنية . وأعتقد أن المؤتمر سيكون فرصة  لإعطاء الحزب عقيدة جديدة  وفرصة للمّ شمل العائلة الوطنية وخاصة العائلة الندائية بعيدا عن قرارات التجميد والتخوين لأن النداء ملك لكل أبنائه ولكلّ التونسيين .
بماذا تريد أن نختم هذا اللقاء ؟
أنا على قناعة بأنه لا مجال لعودة  " اللحم النتن " لأنه ليس لحم الشعب التونسي بل هو لحم من ساهم في شبكات التسفير ونادى بالسفر إلى  " الجهاد " في سوريا وغيرها  . وأعتقد أننا لسنا أكثر ديمقراطية من بلدان أخرى رفضت عودتهم . وهناك في القانون الدولي أمر أو صنف يسمّى " بدون " وأنا مع حرمانهم  أو نزع الجنسية التونسية عنهم لأنهم ببساطة خونة ومجرمون .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق