حادثة مطار نيس في إنتظار حقيقة الأبحاث

حادثة مطار نيس في إنتظار حقيقة الأبحاث

 

منذ يوم الاثنين، لا يزال الحادث الذي وقع مساء الأحد 21 سبتمبر في مطار نيس يُثير الكثير من الجدل على ضفّتَي البحر الأبيض المتوسط. ففي تلك الليلة، مرّت طائرة تابعة لشركة نوفلار التونسية، كانت في مرحلة الهبوط، على ارتفاع منخفض جدًا فوق طائرة تابعة لشركة "إيزي جيت " كانت مصطفّة على المدرج استعدادًا للإقلاع، قبل أن تُعيد الإقلاع، وتقوم بجولة جوية، ثم تهبط في النهاية على مدرج آخر. وقد أثارت هذه الواقعة فورًا ردود فعل متباينة. فقد أشاد بعض المراقبين بسرعة تصرّف الطاقم التونسي ومهارته، معتبرين أنّه نفّذ مناورة شبه مستحيلة في ظروف جوّية صعبة للغاية، تمثلت في العواصف، وضعف الرؤية، والرياح المتقلّبة التي بلغت سرعتها 35 عقدة. وحسب رأيهم، فإنّ تجنّب الاصطدام بطائرة أخرى على المدرج على بُعد أمتار فقط يتطلّب أعصابًا هادئة ومهارة استثنائية، خاصةً عندما لا يظهر الخطر إلا في اللحظة الحرجة الأخيرة. من جهة أخرى، وخاصةً في بعض وسائل الإعلام الفرنسية، وُجّهت انتقادات شديدة إلى الطاقم التونسي، حيث اتُّهم بارتكاب خطأ جسيم من خلال الهبوط على المدرج الخطأ.

وبدون انتظار نتائج التحقيق الذي فُتحه مكتب التحقيقات والتحليلات لسلامة الطيران المدني (BEA)، سارعت بعض وسائل الإعلام إلى تحميل طاقم نوفلار كامل المسؤولية عن الحادث. وتبدو هذه الأحكام مستندة جزئيًا إلى شهادات ركّاب طائرة "إيزي جيت" التي بقيت على المدرج.

فقد ألغى الطيار الفرنسي، الذي كان من المفترض أن يُقلع في رحلة من نيس إلى نانت، الرحلة، وظهر أمام الركاب في "حالة صدمة"، وقال لهم إنهم "نجوا من حادث على بُعد ثلاثة أمتار فقط"، مضيفًا أنه لم يعد قادرًا على قيادة الطائرة بعد هذه التجربة.

ومع ذلك، وبانتظار نتائج التحقيق الذي بدأ يوم الثلاثاء في باريس، تجدر الإشارة إلى بعض النقاط الهامة. فوفقًا لبعض التقارير الأولية، كانت المسافة الفعلية بين الطائرتين في اللحظة الحرجة لا تقل عن خمسة عشر مترًا، وليس ثلاثة كما قيل في بعض الشهادات. ولو كانت المسافة فعلًا ثلاثة أمتار، لكانت الاصطدام حتميًا على الأرجح.

كما يجب التأكيد على أن مثل هذه الحوادث نادرة جدًا، خاصةً في المطارات المزوّدة بمدرجين منفصلين، يُخصص أحدهما عادةً للهبوط والآخر للإقلاع.

وهذا الواقع يثير عددًا من التساؤلات: كيف حدثت هذه الواقعة أصلاً؟ هل قام المراقبون الجويون بتوجيه طائرة نوفلار بشكل صحيح؟ هل تمّت الموافقة لها على الهبوط على المدرج الصحيح؟ وهل يحقّ لطيار "إيزي جيت "التحدّث بهذه الطريقة المتسرعة أمام الركاب قبل الإطلاع على نتائج الأبحاث؟ في الوقت الراهن، تظل المعلومات الرسمية محدودة.

فمطار نيس يرفض الإدلاء بأي تفاصيل إضافية، بينما أعلنت شركة نوفلار أنّها تتعاون بشكل كامل مع السلطات المختصّة في إطار التحقيق الجاري، وأنّها ستُقدّم كل الدعم اللازم لضمان حسن سير التحقيق.

وبينما ننتظر النتائج النهائية للتحقيق، يبقى أمر واحد مؤكد: فقط تقرير محايد وموضوعي وشامل هو الذي سيُمكّن من فهم حقيقة ما جرى بالفعل مساء الأحد 21 سبتمبر في مطار نيس. إ.ب

التعليقات

علِّق