مضحك وسخيف : الدكتورة سلوى الشرفي تقول إن سبب الأخطاء في كتاب الفرنسية أنه طبع في تركيا ؟؟؟
تحدثّ العام والخاص والعالم كلّه عن تلك الأخطاء الشنيعة التي وردت بكتاب الفرنسية للسنة الثالثة من التعليم الأساسي وأصبح الموضوع محل تندّر القاصي والداني ... وكانت وزارة التربية غائبة عن الوجود تماما كأن الأمر لا يهمّها والحال أنه أوّل المعنيين به وأهمّهم إلى أن صدر عنها هذا المساء توضيح قالت فيه أمرين مهمّين وهما:
- أن الكتاب من تأليف أشخاص تونسيين
- أنها فتحت بحثا لتحديد مسؤولية حصول تلك الأخطاء التي لا تغتفر.
وبقطع النظر عن موقف الوزارة الذي قطع مع بعض الإشاعات رغم أنه جاء متأخّرا جدا أردت أن ألفت النظر إلى بعض الأمور التي رافقت هذه الحادثة وبالأخص التعاليق المختلفة التي " زلزلت " موقع التواصل الاجتماعي " فايسبوك ". لقد رأيت أشكالا وأنواعا مختلفة من التعليقات لأشخاص منهم من كان يريد أن يفهم ومنهم من يحاول توجيه الحكاية توجيها معيّنا يخدم مصلحته ومصلحة بعض الأطراف التي احترفت التشويه والكذب ...وقد يكون كل هذا عاديا . لكن أن تقرأ تعاليق لأشخاص يدّعون أنهم " نخبة النخبة " فتجد أنهم " يهزّوا وينفضوا " فلا تملك إلا أن تتساءل : هل حقيقة أن هؤلاء من النخبة أم أن في الأمر " واو " لا أعلمها؟؟؟.
ومن بين هؤلاء قرأت تعليقا منسوبا إلى الدكتورة سلوى الشرفي التي كانت مديرة لمعهد الصحافة وتعرف مبدئيّا أن كل كلمة تصدر عنها تعتبر موقفا " رسميّا " منها . وبكل صراحة دهشت وقلت إذا صح ذلك فعلى الدنيا السلام.
لقد جاء في تعليق الدكتورة على الأخطاء الواردة بالكتاب بالحرف الواحد " حتّى هي طبعت في تركيا ....".
وبالنسبة إلي فإن مسألة طبعت في تركيا هي بيت القصيد في ردّي على الدكتورة . فعندما تقول هي بالذات ( والمفروض أنها متعلّمة ومثقّفة ) هذا الكلام فهذا يعني أنها لا تفهم شيئا على الإطلاق من مسألة طباعة الكتب ( مهما كانت الكتب ). وإن كنت أشكّ أنها لا تفهم هذا الأمر فلا بأس من أن أوضّح لها التالي:
- إن أيّة مطبعة في العالم ( تركيا - البرازيل - هونولولو - الموزمبيق ..) إذا أعطيتها كتابا جاهزا للطبع وفيه ثوم وبصل ... تعطيك كتابا مطبوعا فيه ثوم وبصل...
- إن أية مطبعة في العالم ليس من حقّها أن تناقش أو تتصرّف في المحتوى ولو بزيادة أو إنقاص حرف واحد. فمهمّتها الأولى والأخيرة هي الطباعة ولا شيء غير الطباعة.
ما معنى هذا في النهاية؟. إن ما أردت قوله ( وهو أمر يعرفه كل من لها علاقة حتى من بعيد جدا بعالم الطباعة ) هو أنه لا تركيا ولا غيرها له دخل في تلك الأخطاء التي حصلت في الكتاب المذكور. فماذا بقي إذن؟. بكل صدق بقي " حقد دفين " عند البعض من نكبتنا ...عفوا نخبتنا إزاء تركيا ... وكأن تركيا سبب في كافة المصائب التي نعيشها اليوم . فهؤلاء يحاولون أن يرموا كل شيء على تركيا وينسون أو يتناسون أن تركيا لم تأت إلينا ولم تفرض علينا أي شيء لولا أن البعض من سياسيينا وبحكم مصالحهم معها فرضوا علينا أن نتعامل معها ( تجاريا بالخصوص ) حتى في مواد لا نستحقّها أصلا. وعندما تقول دكتورة مثقفة إن الأخطاء الواردة في الكتاب سببها أنه طبع في تركيا فهذا أمر مضحك ومردود عل صاحبته وأمثالها.
نعود الآن إلى موضوعنا إذ هناك احتمالان لا ثالث لهما :
- الأول أن تكون الأخطاء مرتكبة فعلا من المؤلفين التونسيين رغم أن هذا من الناحية المبدئية صعب جدا نظرا إلى وجود " جيش " كامل من المراقبين والبيداغوديين والمشرفين ومنهم من يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة الفرنسية.
- الثاني أن تكون الأخطاء فعلا مطبعيّة ... ولا أعني طبعا أثناء عملية الطباعة بل أثناء عملية الرقن وهنا تأتي مسؤولية المصححين والمدققين اللغويين الذين يعطون التأشير النهائي قبل الطباعة.
تبقى ملاحظة مهمّة جدا وهي : الأخطاء موجودة في الكتب الدراسية منذ أكثر من 20 عاما . وقد نبّهنا إليها منذ أكثر من 20 عاما فماذا كان يحصل؟. لقد كانوا يصلحون الأخطاء بعد عام أو عامين لكن لم نسمع أبدا أن أحدهم عوقب بسبب تلك الأخطاء. وحتى أكون أكثر دقّة فقد تعوّدنا وخلال عقود من الزمن على " نفس الوجوه " في التأليف والإشراف والمراقبة والتأشير... وكانت ( وما زالت ) لنا قناعة بأن تأليف الكتب المدرسية كعكة يتقاسمها أشخاص معينون يتقاضون بسخاء من المال العام ... وأن أغلبهم لا يساهم بحرف واحد في عملية التأليف ولا يشرف ولا يتابع ولا يراقب ...وإنما يوضع اسمه لضمان أن الكعكة لن تتوزّع إلا على أفراد " المجموعة " دون سواها .
هذا الكلام قد يفهمه البعض وقد لا يفهمه البعض الآخر. لذلك قد أعود إليه في مناسبة أخرى بأكثر التفاصيل... وبالأدلة طبعا.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق