قرى أطفال " SOS " تونس : وضعية تعيسة جدّا في سليانة وهذا المطلوب من كافة التونسيين داخل البلاد وخارجها

قرى أطفال " SOS " تونس : وضعية  تعيسة جدّا  في  سليانة  وهذا  المطلوب من كافة التونسيين داخل البلاد وخارجها

انتظمت يومي 18 و 19 مارس الجاري قافلة إعلامية  لزيارة  قرى الأطفال " س و س " و هي على التوالي قرية قمرت و قرية سليانة و قرية أكودة و قرية المحرس بمشاركة عدد من الصحافيين و ممثلي وسائل إعلامية  مختلفة.

و قد كانت القافلة فرصة ليعرف الزائرون حقيقة الأوضاع في هذه القرى  من حيث هيكلتها وأنشطتها التربوية والاجتماعية والثقافية  إضافة إلى الاطلاع على التحديات المادية واللوجستية والاجتماعية التي تواجهها.  و لعلّ من أهمّ  هذه التحديات المشروع الضخم لإعادة بناء قرية سليانة وصيانة قريتي  قمرت والمحرس وإنشاء ملعب بقرية  أكودة وإدخال بعض التحسينات عليها.

كانت الانطلاقة  إذن  من تونس مع قرية قمرت حيث تعرف الصحافيون على مختلف فضاءات القرية و استمعوا  إلى القائمين عليها و على رأسهم مدير القرية " خليل خليل " الذي أكد أن رعاية الأطفال فاقدي السند   مسؤولية الجميع وأن الجهود يجب أن تتضافر لتوفير الظروف الملائمة لهم للعيش الكريم مشيرا إلى أهمية  دعم  ميزانية الجمعية التي لا تساهم الدولة فيها إلا بنسبة 25 بالمائة.

* كيف كان الوضع في سليانة ؟

ومن قمرت  شدّت القافلة  رحالها إلي  مدينة  سليانة . لم يكن أحد من الزائرين يتخيّل ( مجرّد التخيّل ) أن كون  الوضع  على تلك الدرجة من التعاسة والسوء. فقد قيل لنا إن القرية بنيت على أرض متحركة وهذا ما جعل جدرانها تتصدع بشكل ملحوظ فتصبح خطرا يهدد كل  ساكنيها من أطفال و " أمّهات " والقائمين عليها من الإداريين ... و رائحة الرطوبة تفوح منها  بالإضافة إلي نقص واضح  وفادح في التجهيزات .

وفي هذا السياق عبّر عاطف اللبادي ( مدير قرية سليانة ) عن قلقه حيال وضعية القرية وهذا ما جعله يقوم بإغلاق عدد من المنازل داخلها . و أشار اللبادي إلى وجود مشروع متكامل لإعادة بنائها  وإلى أن المشروع ينتظر الدعم و توفير الإمكانات الضرورية لإنجازه  في أقرب فرصة ممكنة.

* موقعها الجميل جعلها الأفضل

بعد ليلة في أحد نزل مدينة المنستير الجميلة  تحوّلت القافلة  صباح الأحد إلى مدينة أكودة من ولاية سوسة  حيث توجد قرية  أطفال تعتبر حديثة الإنشاء ح مقارنة بالقرى الأخرى  إذ تم تدشينها سنة  2010 .  هذه القرية تمتاز بموقع جميل جدّا وتم بناؤها بشكل أضفى عليها جمالا ونوعا من " الفخامة " إذا قارنّاها طبعا بقرى قمّرت وسليانة والمحرس.  وتحتوى  القرية على  الكثير من النوادي المتنوعة و المنازل التي تتوفر فيها مقومات العيش الكريم . وقد أكّد محمد يسري ضيف الله ( مدير القرية ) أن طاقة استيعابها 120 طفلا  يقيم  86 منهم   بالقرية و البقية في مبيتات الذكور و الإناث خارج القرية . و أضاف ضيف الله قائلا : " وضعية قريتنا جيدة . لكننا نطمح لإلى المزيد من التحسين   خاصة أن قرى sos تساعد العائلات المعوزة خارج القرية و تعمل على تحسين وضعيتها بإدخالها ضمن برنامج الدعم  الخاص بها ".

وتابع مدير القرية  قائلا : " نحن نطمح  إلى  إنشاء  ملعب مجهز داخل القرية  حتى يجد الأطفال مكانا لايقا يمارسون فيه الرياضة و اعتماد الطاقات المتجددة  داخلها و ننتظر تفاعل المواطنين . و بالمناسبة نوجّه كل الشكر لكافة المؤسسات و الأشخاص الذين دعمونا وما زالوا يدعموننا سواء في مناسبات معيّنة على غرار شهر رمضان والأعياد والعودة المدرسية أو بصفة قارة ودائمة من خلال التبنّي أو التكفّل بالمنازل على غرار ما شاهدتموه من كتابة أسماء بعض المؤسسات البنكية أو غيرها التي تقوم بالتكفل ببعض من منازل القرية بشكل كامل".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مفهوم التبنّي أو التكفّل يتمثّل في أن يتولّى شخص ما أو مؤسسة معيّنة الإنفاق على أحد منازل القرية من الألف إلى الياء. ويدخل ذلك في ميزانية القرية ويتم اعتماده رسميّا في دفاتر حساباتها.

* الأفكار تولد في المحرس

وأخيرا حطت القافلة  رحالها  بآخر محطة وهي قرية المحرس...  القرية وضعيتها حسنة مقارنة بقرية سليانة لكن  للأسف  كان عدد من المنازل مغلقا  بداخلها .

وقد أكّد محمد اليعقوبي ( مدير القرية ) أن الكلّ يعمل على  الإحاطة  بالأطفال و يسعى  إلى توفير الظروف الملائمة و التوازن النفسي المطلوب لهم  مع الدفع نحو دمجهم في المجتمع تدريجيا . و دعا اليعقوبي كل الأطراف المتداخلة لدعم القرى من أجل تحسين وضعية الميزانية .

وفي قرية المحرس لاحظنا توفّر ملعبين معشّبين لكرة القدم المصغّرة. وقد أفادنا القائمون على القرية بأن أطفال القرية هم الذين يمارسون هواية كرة القدم على هذين الملعبين اللذين يتم تسويغهما كذلك لفائدة أشخاص أو مؤسسات بمقابل مالي يدعم ميزانية القرية . ويأمل القائمون على القرية أن  يتم تجسيد أفكار أخرى يعود تنفيذها بالنفع المالي على القرية ويخفف  أعباء الميزانية عليها.

* إلى كل التونسيين داخل تونس وخارجها

وفي ختام هذه الجولة  قام محمد مقديش رئيس الجمعية التونسية لقرى sos  بالتعريف بالجمعية و توجيه نداء إلى كل الراغبين في المساعدة من داخل تونس و خارجها حيث قال: " جمعيتنا تعمل تحت رقابة هياكل الدولة من قضاة و مندوبي حماية الطفولة. ونحن  نسعى إلى تطبيق توصيات الكنفدرالية الدولية في توفير منازل مندمجة في المجتمع  مع حلول سنة 2030  . وهذا يتطلب التبرع بمنازل تستغلّها الجمعية لتقوية طاقة الاستيعاب خاصة أن الأرقام الرسمية تشير إلى وجود 00031 طفل في قائمة الانتظار للتدخل لفائدتهم  وهؤلاء الأطفال ينتمون إلى عائلات ( خارج القرى الأربع ) لا تقدر على توفير متطّلباتهم المختلفة في الحياة على غرار لوازم الدراسة أو العلاج أو كل ما يحتاجه الأطفال مثلهم مثل الأطفال الذي يعيشون داخل عائلاتهم.

و تابع مقديش  حديثه فقال : " يمكن  لكل من يرغب ي مساعدنا  أن يقوم بذلك عن طريق تنزيل التطبيق sosve و تعمير الاستمارة .كما أن أرقامنا و عناويننا متوفرة على صفحات قرى sos  مما يسهل التواصل معنا . وللعلم فإنه لا يوجد إنسان في الدنيا  يختار مصيره وإن أطفالنا  هؤلاء ينتظرون دعمكم فكونوا سندا لهم ".

* في حاجة إلى دعم الإعلام ؟

أكّد محمد مقديش وكافة المسؤولين عن القرى الأربع أن هناك قناعة باتت راسخة لدى الجميع وهي أنه لا يمكن تحقيق التحسينات والتقدّم في تنفيذ البرامج التي يتم وضعها لفائدة هذه القرى وبالتالي المقيمين فيها وكذلك تنفيذ برنامج دعم العائلات في نطاق المفهوم الجديد للقرى القائم على " توطين " الأطفال في عائلاتهم والتكفّل في المقابل بكافة نفقاتهم إلى أن يبلغوا عمرا معيّنا إلا من خلال الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي.

ولئن أكّد هؤلاء المسؤولون أن الإعلام بمختلف أشكاله كان متفهّما ومتعاونا في مرات سابقة فقد أكّدوا أيضا أن دوره سيكون أكبر من أجل  مرافقة الجمعية ومساعدتها على تنفيذ برامجها التي تعدّ في النهاية برامج لفائدة أطفال تونس وعددهم مثلما قلنا بالآلاف سواء داخل القرى أو خارجها.

و تجدر الإشارة في الختام إلى  أن إدارة الجمعية قامت في قرية المحرس  بتكريم الصحافيين المشاركين في القافلة ومنحهم لقب " سفراء قرى س و س ".

وللإشارة أيضا فإن لقب " سفير " ولد من خلال فكرة انطلقت الجمعية في تنفيذها منذ فترة وبدأت  بالمؤسسات الجامعية في صفاقس بالتعاون مع جامعة  صفاقس . وتتمثّل الفكرة في استقطاب طلبة يتمتعون بالشخصية القوية والقدرة على الإقناع وتمكينهم من خلال تكوين معيّن من التعريف بالجمعية داخل الأوساط الطلابية من أجل هدف سام واحد وهو توفير الدعم  المالي للجمعية حتى تتمكنّ من الإنفاق جيّدا على  قرى الأطفال وكذلك على عشرات الأطفال والأسر ممّن ينتظرون خارج القرى.

وأكّد مدير الجمعية أن الفكرة بدأت تعطي ثمارا جيدة من خلال طلبة مجتهدين يتّقدون حيويّة ونشاطا ورغبة في التطوّع والعمل الاجتماعي وأن التجربة ستشمل في مرحلة قادمة المدارس الابتدائية والمعاهد والمدارس الإعدادية.

التعليقات

علِّق