ديبلوماسية الغياب في تونس : 13 سفارة دون سفير ... و6 قنصليات دون قنصل !

ديبلوماسية الغياب في تونس : 13 سفارة دون سفير ... و6 قنصليات دون قنصل !

رغم مرور قرابة السبعة أشهر على إجراءات 25 جويلية 2021 وحلّ البرلمان وتسلّم رئيس الجمهورية قيس سعيّد زمام الحكم في تونس ، إلا أن الوضع الديبلوماسي التونسي يسير من سيّئ إلى أسوأ وفق عديد المحلّلين السياسيين .

ومنذ صعود سعيّد للرئاسة في أكتوبر 2019 ، ظّلت الديبلوماسية التونسية غير مستقرة ، مع وجود عديد الإقالات والتغييرات سواء في منصب وزير الخارجية الذي تغيّر في الثلاث سنوات الأخيرة أربعة مرات ، بدءا بخميّس الجهيناوي يليه صبري باش طبجي ثم نور الدين الري وأخيرا عثمان الجرندي .

أما على مستوى السفارات والقنصليات فكانت الإقالات أكثر من أي وقت مضى في تاريخ تونس . ولعلّ أهمها إقالة قيس القبطني مندوب تونس إلى الأمم المتحدة وما أثاره ذلك من جدل واسع .

وفي ديسمبر الماضي أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن الرئيس سعيّد أنهى مهام قنصلي بلاده في مدينتي باريس وميلانو، وأمر بإجراء تدقيق مالي وإداري بالقنصليتين المذكورتين.

وأمام كل تلك التغييرات ، وصف بعض المحلّلين الوضع الديبلوماسي التونسي الحالي ب "ديبلوماسية الغياب" .. إذ بقيت إلى حد الآن 13 سفارة دون سفير (أكثر من 20%) بمعدل سفارة على خمسة دون قيادة من بينها سفارات استراتيجية من الدرجة الحيوية الأولى، و6 قنصليات دون قنصل.

وبالتوازي مع ذلك تواترت الأنباء عن رفض ديبلوماسي لبلد الاعتماد فرنسا لتعيين المكلف سابقا بتسيير وزارة الداخلية على رأس قنصليتنا العامة بباريس لما يتردّد - على ما يبدو - عن أدواره المشبوهة في انتهاكات حقوق الإنسان وتحسبا من إيداع شكاوى لملاحقته على التراب الفرنسي..

البعض الآخر يؤكد وجود قطيعة بين ووزير الخارجية الحالي مع رئيس الجمهورية منذ 104 يوم أي منذ آخر جلسة عمل ثنائية بينهما يوم 7 أكتوبر 2021 ويعود ذلك للصراع المفتوح بين الوزير ومديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة و بلغ إلى  حد منع الوزير من حضور مواكب استقبال الرئيس عباس وتغييبه عن المشاورات معه ومع عدد من كبار الضيوف الذين زاروا تونس..

أخبار أخرى تتحدث عن قطيعة بين المستشار الديبلوماسي لرئيسة الحكومة نجلاء بودن  ووزير الخارجية وانخراط منفرد لرئيسة الحكومة في محاولة لسحب الملف الديبلوماسي من" الجبل الأحمر بالشيراتون الشمالي "مقر وزارة الخارجية إلى القصبة ودار الضيافة مقرات رئاسة الحكومة بالتنسيق مع قرطاج.. وعزوف أو تعزيف شبه تام لرئيس الجمهورية عن ممارسة صلاحياته الدستورية في قيادة السياسة الخارجية للدولة،

ووسط كل تلك الفوضى ، يتواصل تراجع الدور الديبلوماسي التونسي الإقليمي بشكل كبير ، وبشكل خاص في الأزمة الليبية أو في ملف تصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب، وكذلك الانتقال السياسي الداخلي الذي فرض تحديات مزدوجة، فالبلاد التي تكافح من أجل تعبئة موارد خارجية لدعم الاقتصاد المتعثر وجدت نفسها فجأة في مواجهة سرديات الرئيس سعيّد وطلعاته وتصريحاته المتكررة  عن وجود تحريض للخارج ضد المسار الذي اتخذته البلاد . في حين أن الضرورة تقتضي تعديل الأوتار الديبلوماسية عبر تعويض السفراء والقناصل المقالين بكفاءات من وزارة الخارجية التي تعجّ بالعشرات منهم .. 

غير أن كل ما نخشاه أن يسير الرئيس قيس سعيّد في تعييناته القادمة على نفس الشاكلة التي اختار بها الولاّة الجدد وخاصة في بن عروس وتونس .. وحينها لا يسعنها إلا أن  نقرأ الفاتحة على الديبلوماسية التونسية وأن نختم بالآية  " إنا لله وإنا إليه راجعون " ...

شكري الشيحي 

 

التعليقات

علِّق