دون لفّ أو دوران : هذه حكاية الجريدة الفرنسية التي سخرت من تونس بسبب أخطاء كتاب الفرنسية
منذ بضعة أيام انتشرت هذه الصورة المقتطعة من صحيفة ما ... على مواقع التواصل الاجتماعي وأصرّ مروّجوها إصرارا وإلحاحا على أنها مقتطعة من جريدة فرنسيّة وأن " صاحب المقال الفرنسي " يسخر من تونس والتونسيين بسبب تلك الأخطاء الشنيعة التي وردت بكتاب السنة الثالثة من التعليم الأساسي عندنا في تونس.
ومن منطلق أني أرفض الظلم رفضا قاطعا مهما كان مرتكبه ... ومنطلق أن لي بعض التجربة في عالم الصحافة تسمح لي أحيانا بأن أفرّق بين الديك والحمار ( على عكس هؤلاء الذين اختلطت عندهم الأمور عمدا ..) بحثت كثيرا لعلّي أقف عل صدق ما قالوا وما ادّعوا بالرغم من أنني منذ البداية شككت في الأمر وقلت إنه من المستحيل أن تكون هذه الكلمات قد وردت في صحيفة فرنسية لعدّة أسباب لعلّ من أهمّها:
- ليس في " المقال " أيّة إشارة لا من بعيد ولا من قريب إلى أن الأخطاء المتحدّث عنها وقعت في تونس ... وفي الحقيقة لو كان الكاتب فرنسيّا مثلما يزعمون فلا أظنّ أنه كلن سيخجل منّا فيحجم عن ذكر اسم بلدنا.
- عندما يتحدّث الكاتب عن برنامج " إصلاح بيداغوجي " فلا أعتقد أن فرنسا قد وضعت برنامجا بيداغوجيّا لإصلاح تعليمها ... ومن هنا يصبح المقصود طرفا آخر.
- نوعية الورق المستعمل لا يمكن أبدا أن يكون ورقا لصحيفة فرنسيّة أبدا ومن رابع المستحيلات .
- نقطة الإستفهام البيضاء الواقعة في مثلّث أحمر ليست غريبة عن ذاكرتي ... ومن هنا سألت عنها بعض الزملاء القدامى فأسعفوني بالخير اليقين.
أما الخير اليقين فهو أن تلك الكلمات التي ترون نشرت في جريدة تونسية معروفة وهي " تونس - هبدو " منذ عدة أيام . أما إطارها فهو ركن للزميل " ش- ش " ( وليس ج - س مثلما أراد البعض أن يوهمنا ) خصصه منذ سنوات عديدة لما يعرف بالسخرية السوداء التي تنقد الظاهر الموجودة في المجتمع باستعمال اللعب على الكلمات غالبا.
وقد كتب الزميل المذكور تلك الكلمات بطريقته الخاصة تعليقا منه على تلك الأخطاء التي ذكرنا. ومثلما تلاحظون فإن عدم ذكر أن تونس هي المعنية بأمر تلك الأخطاء دليل على أن الكاتب تونسي ويعش في تونس وليس في حاجة إلى أن يقول " من كتاب السنة الثالثة ... في تونس ".
هذه إذن كافة تفاصيل الحكاية التي شغلت الناس " بفعل فاعل " عدة أيام متواصلة ..وما إن تخفت قليلا حتى يعاد " إشعالها " من خلال النشر من جديد.
ولئن بات معتادا لدينا أن نرى صفحات أو أشخاصا معيّنين ينشرون " أيّ كلام " فإن الغريب في كل هذا أن بعض الصحافيين وللأسف الشديد انخرطوا في اللعبة وباتوا ينشرون ما ينشره الآخرون دون التثبّت مما ينشرون ...وهذه بصراحة كارثة في ميدان الصحافة لأننا تعلّمنا على الأقل على أن " الخبر مقدّس " وأن " التعليق حرّ " ... لكن يبدو في زمننا هذا أن كل شيء قد انقلب رأسا على عقب.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق