إصلاح المؤسسات العمومية: هذه هي الأساليب الناجعة لإنقاذها

إصلاح المؤسسات العمومية: هذه هي الأساليب الناجعة  لإنقاذها

الحلول ممكنة لإصلاح المؤسسات العمومية. وتبقى الخوصصة حلا من ضمن الحلول. إذ أن الخيارات متعددة ويمكن أن تؤدي كلها إلى إنقاذ نسيج يشغل اليوم بال عديد الفاعلين. والأهم هو أن تتوفر لدى عديد المهتمين بهذا الملف والذين سينكبون عليه الإرادة الصادقة لحل مشكلة حقيقة قادرة عند تجاوزها على تخفيف أعباء هذه المؤسسات وكذلك ميزانية الدولة التي تتحمل جزءا كبيرا من العجز وكذلك المؤسسات المالية كالبنوك وغيرها من دائنيها.

يتضمن الملف الذي ستتولى تونس الدفاع عنه بواشنطن لدى صندوق النقد الدولي إصلاح المؤسسات العمومية. وهو الملف الذي اتفقت الحكومة تكوين لجنة مشتركة في شأنه مع الاتحاد العام التونسي للشغل منذ شهر تقريبا لتدارس حلول تنهي بالأساس الصعوبات التي تعيشها هذه المؤسسات وبخاصة فيما يتعلق بالعجز الذي تعرفه منذ عشرات السنوات.

لا يوجد رقم دقيق في خصوص حجم عجز المؤسسات العمومية التونسية. وقد أفاد رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد خلال شهر مارس 2018 أن هذا العجز يأتي في حدود 6.5 مليار دينار. غير أنه وزيادة على أن هذا الرقم يعكس واقعا قديما فإن الأزمة الصحية مرت منها السنة الأخيرة كما يقال مما جعل الوضع يتفاقم أكثر.

لا يمكن ضرورة أن تستهوي بعض المؤسسات القطاع الخاص

وبالرغم من ذلك فإنه يمكن إصلاح هذه المؤسسات ويتوجب من هذه الزاوية عدم الاستماع إلى من يقول إن الأمر عكس ذلك خاصة بسبب المشاكل التي ما انفكت تعيشها هذه المؤسسات. فالحلول موجودة وممكنة.

وما يمكن قوله كذلك هو أن البلاد تتوفر على جملة من التصورات وأن عديد الدراسات انجزت منذ مدة طويلة لوضع صور احتمال لتجاوز كل الصعوبات والتي قرأ لها أصحاب الاختصاص ألف حساب. والأهم في كل هذا هو أن تتوفر لدى عديد المهتمين بهذا الملف والذين سينكبون عليه الإرادة الصادقة لحل مشكلة حقيقة قادرة عند تجاوزها على تخفيف أعباء هذه المؤسسات وكذلك ميزانية الدولة التي تتحمل جزءا كبيرا من العجز وكذلك المؤسسات المالية كالبنوك وغيرها من دائنيها.

فما هي الحلول؟ يرى البعض أن أهم حل يتمثل في خوصصة هذه المؤسسات أي التفويت فيها للقطاع الخاص. وهو حل لن يكون دائما ممكنا لأسباب مختلفة. ومن بينها أن جانبا من هذه المؤسسات لا يمكن ضرورة أن تستهوي القطاع الخاص نظرا لوضعيتها المالية الصعبة ولو توفرت على أسواق واعدة.

هذا فضلا عن صعوبة هذا الخيار بالنسبة إلى المؤسسات العمومية التي توفر خدمات اجتماعية من الضروري أن تبقى تابعة للمرفق العمومي. دون أن ننسى بالطبع أنه لا يمكن أن يحصل الاتفاق دوما فيما يتعلق بالخوصصة من قبل أطراف ستشارك في بلورة الحلول مثل النقابات والأعوان على حد السواء.

لا يجوز أن يتم وضع أيا كان على جانب الطريق

ومن الحلول الممكنة والمحبذة هو إصلاح هذه المؤسسات من خلال اعتماد برنامج عمل شامل وبعد إخضاعها إلى تشخيص دقيق -وهو ما حصل للبعض منها-يقترح بفضله وضع جملة من الإجراءات ومن بينها بالطبع تسريح بعض أعوانها. وهو أمر يجب الإقرار بضرورته نظرا إلى أن عدد هؤلاء يفوق أحيانا الحاجيات.

غير أنه من الضروري أن نتفق على أنه لا يمكن ولا يجوز أن يتم وضع أيا كان كما يقال على جانب الطريق. وألا يتم بطريقة أوضح وأدق التسريح دون أن تحفظ حقوق الجميع وألا يخسر أيا كان شيئا من خلال هذه العملية فضلا عن موافقة المعنيين بالأمر بالإجراء المتبع.

ويمكن بالطبع إحالة بعض الأعوان على التقاعد المبكر. كما يمكن منحهم تعويضات في انتظار الحصول على تقاعد مشرف. ويجوز من جهة أخرى توزيعهم عل هياكل أخرى من المرفق العمومي أو التعهد بمساعدتهم على إيجاد حلول إضافية مثل تمكينهم من تكوين يمكنهم من الالتحاق  بمؤسسات خاصة وحتى انتصابهم للحساب الخاص.

اللجوء إلى السوق المالية

وأما بالنسبة إلى الحلول الخاصة بالمؤسسات في حد ذاتها فقد يكون ممكنا أن تتعهد الدولة بتحمل عجزها وهو حل كانت الدولة ستتولاه لما حالة. شريطة أن يكون ذلك للمرة الأخيرة وألا تعاود الدولة الكرة بعد بضعة سنوات. فيا خيبة المسعى لو تم ذلك فعلا.

كما يمكن للمؤسسات أن تتولى بيع بعض ممتلكاتها لإيجاد التمويلات الازمة لإعادة هيكلتها. ويشير سامي الزواوي وهو خبير لدى أحد كبار مكاتب التدقيق وكاتب دولة سابق في حديث لمجلة "الاقتصادي المغاربي" نشر في عدد نشر منذ أسبوعين أن بعض المؤسسات العمومية تتوفر على مخزون عقاري يتمثل في أراضي وبنايات ومستودعات يمكن لها عرضها للبيع توفر بفضله ما يلزم لتمويل هيكلتها.

ويمثل اللجوء إلى السوق المالية أيضا حلا ممكنا ومفيدا. فيمكن للمؤسسات العمومية وبخاصة تلك التي تنشط في القطاع التنافسي أن تتولى حسب المدير العام لبورصة تونس للأوراق المالية بلال سحنون في نفس العدد بيع جزء من رأس مالها في المؤسسة الت يشرف عليها. وهو ما يجعلها قادرة على الاكتتاب في رأس المال العام. بمعنى الاقتراض أو البحث عن مستثمرين إضافيين دون اللجوء إلى ميزانية الدولة.

وقد يساعدها بصفة عامة الدخول إلى السوق المالية على ولوج عالم جديد قوامه الجودة و الحوكمة الرشيدة وحتى الابتكار وهي مجالات حيوية تفتح لها أفاقا رحبة في عالم التصرف العصري. و هو باب لابد أن تطرقه مؤسساتنا العمومية لكي لا نعود للحديث مستقبلا عن إعادة جديديه لهيكلة المؤسسات العمومية. ويكون في هذه الحالة الأمر مضنيا للجميع.

بقلم : محمد قنطاره

التعليقات

علِّق