مرّة أخرى " ضعف الاتصال " في رئاسة الجمهورية : من يتحمّل مسؤولية الإشاعات ؟

مرّة أخرى " ضعف الاتصال " في رئاسة الجمهورية : من يتحمّل مسؤولية الإشاعات ؟

كتبنا وقلنا أكثر من مرّة ومنذ أكثر من عامين عن مسألة تبدو للبعض بسيطة لكنّها في غاية الأهمية من وجهة نظر العديد من الناس ألا وهي مسألة الإعلام والاتصال خاصة بمؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.

وقلنا أكثر من مرّة إن مصلحتي الإعلام والاتصال في  مؤسستي الحكم تشكوان ضعفا فادحا  لم يسع أيّ كان إلى تفاديه إلى حدّ الآن.

وقد أعادت مسألة " غياب " رئيس الجمهورية وما رافقها من تعليقات ومواقف وإشاعات مسألة الضعف الاتصالي إلى الأذهان مرّة أخرى لأننا نؤمن بأنه لو كان لمؤسسة الرئاسة مثلا فريق اتصالي قويّ ومحترف لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه.

وقبل كلّ شيء دعونا نوضّح أن الرئيس بشر مثلنا ويمكن أن يصاب بالتعب والإرهاق ( مثلنا ) ويمكن أن يمرض مثلنا ويمكن أن ينال نصيبا من الراحة مثل كافة البشر في العالم . إلا أن  الصمت الذي رافق غيابه طوال بضعة أيام جعل الناس يتكهّنون ويستنتجون ... كلّ حسب ما يرى أو ربّما حسب ما يرغب أيضا. وفي ظل ذلك انتشرت الشائعات وعبر بعضها حدود الوطن إلى درجة أننا عدنا لنستقي أخبار بلادنا ورئيسنا من وسائل إعلام أجنبية.

وبما أنه من حقّ الرئيس أو بما انه من البديهي أن يمرض الرئيس فقد كان على فريق الإعلام والاتصال أن يصدر بيانا في الغرض مثلما حدث في فترة سابقة وكانت الأمور ستسير بصفة طبيعيّة بلا تأويلات ولا استنتاجات خاطئة. إلا أن ذلك لم يحدث بل إن امتناع وزير الصحة عن الإجابة عن سؤال الصحافيين عن صحّة  الرئيس قدّ عقّد الأمور وغذّى منسوب الإشاعات في البلاد إلى درجة أن بعضهم بات يتحدّث ( واثقا ) عن شغور في منصب الرئيس وبات البعض يعمل أو " يدعو إلى التشاور من أجل انتقال سلس للسلطة "... وكلّ هذا ما كان له أن يحدث لو أن فريق الإعلام والاتصال قام بواجبه منذ البداية وأوضح للناس جميعا أن الرئيس متغيّب بسبب وعكة صحيّة  تجبره على الراحة وأنه سيعود إلى ممارسة نشاطه العادي بداية من يوم كذا ...على غرار ما يحدث في أغلب أنحاء العالم المتطوّر حيث لا  تخفي فرق الاتصال شيئا عن الشعب في كل ما يتعلّق بصحة الرئيس أو نشاطاته.

وتبقى الآن مسألة " الإشاعات " والإجراءات التي شرعت النيابة العمومية في اتخاذها في خصوص تتبّع " مروّجي الإشاعات التي تمس بأمن الوطن ". هذه المسألة في نظري معقّدة جدّا وتحتاج إلى عمل شاق كي تفرّق النيابة العمومية بين شخص كتب بضع كلمات عن حسن نيّة أو بناء على ما سمع وما راج من " أخبار " وبين شخص تعمّد ترويج أخبار يريد من خلالها بث البلبلة وعدم الاستقرار في صفوف المواطنين لغايات سياسية.

وهنا أعود من حيث بدأت حيث أرى أن جزءا من مسؤولية ما حدث يقع على عاتق فريق الإعلام والاتصال بمؤسسة رئاسة الجمهورية دون غيره.  وعلى هذا الأساس أدعو رئيس الجمهورية مرّة أخرى إلى تكوين فريق إعلام واتصال قويّ ويتمتّع بالخبرة ويعرف خاصة كيف يتعامل مع الأحداث الكبرى... عسى ألّا  يتكرّر ما حدث وأن نجنّب البلاد مزيدا من الإشاعات التي  لا حاجة لنا بها أبدا.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق