ليست هذه تونس التي نبغي

ليست هذه تونس التي نبغي


بقلم : ابراهيم الوسلاتي

الاضراب العام في الوظيفة العمومية سيشمل حوالي 670 ألف بين أعوان وموظفين في الادارات المركزية والجهوية وفي التعليم والصحة من أجل الضغط على الحكومة للاستجابة الى المطالب الشرعية المتعّلقة بالزيادة في الأجور بعد التدهور الملحوظ في القدرة الشرائية وارتفاع نسبة التضخّم...
هذا الاضراب هو الأوّل من نوعه في تاريخ تونس المستقلّة حيث لم يسبق أن حصل اضراب من اجل الزيادة في الأجور ولا يجب مقارنته مع الاضراب العام يوم 26 جانفي 1978 والذي شمل جميع القطاعات وكان بهدف الدفاع عن استقلالية الاتحاد...
الحكومة استجابت لمطالب القطاع العام (المؤسسات العمومية) ولكنّها عجزت عن الاستجابة لمطالب الوظيفة العمومية والحال أنّ مستوى التأجير في القطاع العام أفضل من مستوى التأجير في الوظيفة العمومية.
ضغوط صندوق النقد الدولي كانت أكبر من ضغوط الاتحاد العام التونسي للشغل فالحكومات المتعاقبة قد تعهّدت بعدم الزيادة في أجور الموظفين العموميين والتقليص من الانتدابات بل إيقاف الانتدابات أصلا...
ولسائل أن يسأل كيف وصلنا الى هذه الأوضاع المتدهورة في ظرف 7 سنوات حتى أصبحنا نتمنى العودة الى مستوى سنة 2010 التي كانت أسوأ سنة في حكم الرئيس السابق بن علي وشهدت سقوط نظامه...
الجميع مسؤول عن الوضع ولا أحد بإمكانه التملّص من المسؤولية...كل الحكومات المتعاقبة منذ 15 جانفي 2011 الى اليوم مسؤولة بدرجة أولى لعجزها على إيقاف النزيف وإيجاد الحلول الكفيلة بإيقاف التدهور الاقتصادي والاجتماعي...الاحزاب السياسية التي انتشرت كالفقاقيع ولم تتوصّل الى تقديم برامج هادفة وقادرة على تحسين الأوضاع واكتفى البعض منها بالتنبير أو بالجلوس على الربوة...المنظمات الوطنية التي ساهمت في اضعاف أجهزة الدولة ومؤسساتها للحصول على منافع لفائدة منظورها تفوق طاقة الميزانيات العامة...الاعلام الذي لم يتأقلم مع الأوضاع الجديدة فساهم في ارتفاع منسوب الاحتقان وانحدار المستوى الأخلاقي...
وفي المحصلة الشعب التونسي برمته الذي لم يحسن الاختيار بل أنّ مقاطعة جزء كبير منه للانتخابات مكّن سياسيين غير مؤهلين لحكم البلاد من التموقع في الساحة...فأكثروا فيها الفساد وعمقوا الخلافات وقسموا البلاد والعباد ونبذوا الكفاءات فكانت هجرة خيرة الإطارات الشابة الذين بلغ عددهم 100 ألف بين أطباء ومهندسين وباحثين وجامعيين ورجال أعمال...
ليست هذه تونس التي نبغي...فعلى الشعب أن يستفيق قبل الغريق...

التعليقات

علِّق