لطفي حجي يكتب في الذكرى 11 لملحمة 18 أكتوبر 2005 التي ضمّت مختلف التيارات السياسية ...

لطفي حجي يكتب في  الذكرى 11 لملحمة 18 أكتوبر 2005 التي ضمّت مختلف التيارات السياسية ...

 

بقي  يوم 18 اكتوبر تاريخا راسخا تتباهى  به عديد الأطراف السياسية في مناسبات عديدة وفي خطبها ومواقفها. وهو اليوم الذي هزّ عرش بن علي و أزعجه , إنّه إضراب الجوع الشهير الذي نفّذه أحرار تونس عندما كان النضال له ثمنه من إقصاء و سجن و تعذيب و هرسلة بوليسية .
هو تاريخ يشكل بالنسبة لعدد من الساسة عيدا يحتفى به سيما أنه شهد ميلاد أو تشكل ما اصطلح على تسميته بحركة 18 أكتوبر التي جمعت في صفوفها أطيافا متعددة من مكونات المعارضة السياسية الموجودة على الساحة خلال سنة 2005 منها الإسلامي ومنها الشيوعي ومنها الديمقراطي .
ومن بين المشاركين في هذه الملحمة البطولية الإعلامي ومدير مكتب الجزيرة بتونس والحقوقي البارز لطفي حجي الذي احتفى  بهذه المناسبة من خلال التدوينة التالية التي نشرها على صفحته الرسمية :
" 11 سنة مرت ...حلم جميل وحد اطيافا سياسية وايديولوجية عديدة في مقاومة الاستبداد للمطالبة بما سموه "الحد الادنى الديمقراطي" متجسدا في مطالب حرية التنظم وحرية التعبير والعفو التشريعي العام مع ما يعنيه ذلك المطلب من الغاء كل اشكال الاعتقالات السياسية والمحاكمات الجائرة التي طالت اجيالا كثيرة من المناضلين السياسيين على اختلاف قناعاتهم...
طفح كيل القمع والاستبداد، وعم الفساد فلم يجدوا الا اجسادهم للمقاومة.. بأمعائهم الخاوية صرخوا صرخة رجل واحد نموت جوعا ولن نخضع لاهانات القمع المتواصلة ( شعار الاضراب عن الطعام كان " الجوع ولا الخضوع" ).. نجحوا في احداث شرخ في جدار استبداد النظام المخلوع.. ودقوا اسفينا في نعشه.. وحققوا تضامنا وطنيا ودوليا غير مسبوق .. لان المواطنين الذين يتذوقون طعم الكرامة ضاقوا ذرعا بالاستبداد وكانوا ينتظرون حدثا يحرك البرك الآسنة .. وقد تحقق ذلك .. لتندلع بعد ذلك احداث الرديف سنة 2008 التي نسج سكانها ملاحم في مواجهة القمع، واحداث بنقردان في صائفة 2010 ..
يمكنني اليوم ويعد مرور اثنتي عشرة سنة ان افتخر بانني كنت واحدا ممن نسجوا هذا الحلم الذي مهد لثورة الحرية والكرامة.. لكن بقدر افتخاري ..فإنني آسف لعدم قدرة النخبة السياسية على تجسيد روح هذا الحلم بعد الثورة ..فمنهم من هرول سريعا الى احضان الثورة المضادة تحركه في ذلك نوازع زعاماتية مضخمة ..ومنهم من عاد به التاريخ الى الوراء حين عزفت الثورة المضادة باتقان ومكر على وتر الخلافات الايديولوجية .. فكانت الايديولوجا عنده اعلى من الثورة بل اعلى من الوطن احيانا.
الان .. ورغم ما تحقق من مكاسب في الحرية اساسا..يبدو الجميع سواسية اما تغلغل الثورة المضادة وعودة رموزها.. واما العجز عن مقاومة الفساد الذي بات ينخر كيان الدولة ويهدد بنسف كل الشعارات والاحلام الجميلة.. فلا الزعاماتية المضخمة اثمرت ولا الايديولجيا نجحت في الوصول الى المبتغى الثوري.
مع ذلك يبقى الامل .. في جيل جديد فتح اعينه على الحرية.. ونمت لديه حساسية ضد كل مظاهر القمع والفساد..وهما الآفتان اللتان تنخران كل حلم جميل.
ونحن اذ نحيي هذه الذكرى لا يفوتنا ان نترحم على روح القاضي مختار اليحياوي الذي شاركنا الحلم لمدة 32 يوما من الاضراب عن الطعام.. فقد عاش قاضيا شريفا ومات مناضلا صامدا لم يتزحزح عن مبادئه. كما لا يفوتنا ان نرجو الشفاء العاجل للاستاذ محمد النوري.. فقد كان اكبرنا سنا ولم يمنعد تقدمه في السن من مشاركتنا الاضراب عن الطعام رغم تحذير الاطباء من خطورة ذلك على صحته ، وايضا ان نتمنى الشفاء العاجل للمناضل الحقوقي خميس الشماري الذي كان من اهم مهندسي هذا التحرك." 

التعليقات

علِّق