كيف تتعايش الجالية التونسية في قطر مع تفشي فيروس كورونا؟

كيف  تتعايش الجالية التونسية في قطر مع تفشي فيروس كورونا؟

في ظل تواصل تفشي فيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم، كانت الجاليات التونسية في المهجر عرضة لوضعيات معيشية واقتصادية صعبة بسبب شح الموارد المالية وفقدان العديد من الوظائف، ورغم استراتيجية الاجلاء التي اتبعتها الحكومة التونسية مع مواطنيها في الخارج، إلا أنها على ما يبدو لم تكن كافية لحماية المهاجرين من تداعيات أزمة كورونا عليهم.

ففي قطر، والتي يُقيم فيها حوالي 30 ألف تونسي، بدت أثار الأزمة جلية على عدد من التونسيين، خاصة بعد قرارات الحكومة القطرية إغلاق أغلب الأماكن العمومية مثل المجمعات التجارية والمقاهي وصالونات الحلاقة وصالات السينما. بالإضافة لسماح فقط بعمل المرافق الحيوية في البلاد وبطاقة 20% في نطاق إجراءاتها الاحترازية للوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا.

هذه الحزمة من القرارات أدت لإيقاف العمل في عدد كبير من الشركات ما أدى لوضع عدد الموظفين على إجازات بدون راتب، فيما فقد عدد آخر وظائفهم إما بسبب إغلاق الشركات أو بسبب الضغوطات المالية عليها. وذلك رغم ما ساهمت فيه حزمة الدعم التي وجه بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الحد بشكل كبير من التداعيات الاقتصادية للأزمة على الشركات الصغرى والمتوسطة.
ومع تواصل تفشي الأزمة، عبر العديد من أبناء الجالية عن مواجهتهم لظروف معيشية صعبة وضائقة مالية حادة، ومن بين هذه الحالات احدى المواطنات التونسيات، متزوجة ولها طفلان أحدهم عمره أقل من شهرين، حيث تروي تجربتها قائلة أنها كانت تعمل في أحدى صالونات التجميل إلى حين إيقافها عن العمل بسبب إغلاق الصالون ومنحها نصف راتب فقط، بينما يعمل زوجها كسائق تاكسي ليموزين، والتي تتمثل في تأجير سيارة خاصة من عند شركة مختصة في تأجير هذا النوع من السيارات واستغلالها كسائق أجرة، ويعمل في هذا القطاع عدد محترم من التونسيين في قطر، وأشارت المواطنة إلى أن الشركة قامت بأخذ السيارة من عند زوجها بسبب عدم قدرته على دفع الإيجار الشهري لسيارة.. وأشارت كذلك إلى عدم قدرتها على دفع إيجار المنزل، معبرة عن مخاوفها من العودة إلى تونس في هذا الوضع الصعب.. بالإضافة إلى ذلك، رصدنا حالات عدة من تونسيين كانوا يعملون في فنادق ومطاعم ومقاهي، يتم منحهم نصف راتب فقط، وفي بعض الأحيان يتم تسريحهم من وظائفهم، وذلك بسبب الركود الاقتصادي.

ومن جانبها، قامت السفارة التونسية بالدوحة بالعديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف لتخفيف من تداعيات أزمة فيروس كورونا على الجالية، فبعد تنسيقها مع السلطات القطرية والحكومة التونسية لإجلاء عدد من التونسيين عبر طائرة للخطوط القطرية، قامت السفارة التونسية بإرسال وفد ممثل لها للاجتماع مع شركة GSS Certis International وذلك للتباحث حول وضعية الموظفين التونسيين الذين يعملون بهذه الشركة والموجودين بالحجر الصحي بمنطقة الصناعية ودرس إمكانية تغيير مكان الحجر من الصناعية إلى مبنى آخر خاص بالشركة على أن تتكفل السفارة ومجلس الجالية بالأكل خلال شهر رمضان، ويُذكر أن السلطات القطرية قد قامت بإغلاق جزء من المنطقة الصناعية بشكل كامل بعد اكتشاف بؤرة تفشي لفيروس كورونا فيها، ما كان له تداعيات كبرى خاصة على أفراد الجالية التونسية القاطنين في تلك المنطقة خاصة خلال شهر رمضان.

ومن جانبه، قام مجلس الجالية التونسية بالعديد من المبادرات الخيرية في مساعدة التونسيين في قطر خلال هذه الأزمة، فبعد فتحه باب التطوع بين أبناء الجالية والذي استجاب له أكثر من 50 متطوع، قام مجلس الجالية بتقديم حوالي 6000 وجبة إفطار خلال فترة شهر رمضان للمحتاجين وذلك عبر توزيعها في مقرات المدرسة التونسية بالدوحة، بالإضافة لأكثر من 800 سلة غذائية، مع توفير مساعدات مادية ودفع سعر تذاكر الطيران لبعض المواطنين العالقين في الدوحة، في وقت قام فيه مجلس الجالية بالتواصل بشكل مباشر مع عدد كبير من الشركات المشغلة لتونسيين في محاولة لإيجاد تسوية تسمح لهم بالحفاظ على وظائفهم.

ورغم هذه المبادرات الرسمية، والتي ساهمت نوعا في تخفيف حدة الأزمة على التونسيين بالدوحة، إلا أنه ما لوحظ خلال فترة الأزمة هو المئات من المنشورات عبر صفحات ومجموعات الجالية التونسية على منصات التواصل الاجتماعي، لتونسيين يقدمون الدعم للأفراد والعائلات التي في حاجة لمساعدة في هذا الظرف الاستثنائي، وذلك من خلال التبرع طوعيا بمائدة إفطار او بالتطوع بشراء كافة المواد الغذائية اللازمة دون مقابل، في مشهد يجسد الوقفة التضامنية بين أبناء الجالية التونسية وروح التعاون بينهم خلال الأزمات.
علاء جابلي

التعليقات

علِّق