قيس القبطني : القرار التونسي في مجلس الأمن انجاز تاريخي وعلامة فارقة

أكد السفير المندوب الدائم لتونس بالأمم المتحدة قيس القبطني في تصريح حصري لEspace Manager أن القرار التونسي الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي يوم الإربعاء يمثّل علامة فارقة في التعاطي الدولي مع تحدي وباء كوفيد 19، حيث نجح في تجميع الدول الأعضاء وتوحيد رؤيتها بخصوص المسؤولية المشتركة للتصدي لتأثيرات الوباء على الأمن والسلم الدوليين. و أوضح أن تحقيق ذلك لم يكن بالأمر الهيّن، خاصّة في ظلّ ظرف دولي يتّسم بتراجع الاهتمام بالعمل متعدد الأطراف وبرفض عام لطرح مسألة الوباء على مجلس الأمن، واختزال الأزمة في أبعادها الصحية والإنسانية فقط، وعدم القبول بفكرة أنّ لهذا الوباء تداعيات على الأمن والسلم الدوليين.
نوه السفير قيس القبطني أن عضوية تونس في مجلس الأمن الدولي تميّزت هذه المرّة بمبادرة رئيس الجمهورية بتقديم مشروع قرار، هو الأوّل من نوعه في تاريخ تونس، كما أنّه من أهمّ القرارات الأممية، وذلك للأسباب التالية:
- أنّه يتناول مسألة تتعلق بأحد أكبر التحديات غير المسبوقة التي تواجه البشرية، وهو جائحة كوفيد 19 وتأثيراتها على الأمن والسلم الدوليين.
- أنّه أوّل قرار يؤكّد على دور ومسؤولية مجلس الأمن في مواجهة تداعيات هذه الجائحة.
- أنّه يكرّس دعم الدول الأعضاء لنداء الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف عالمي لإطلاق النار.
- أنّه يؤكّد على أهمية التضامن والتعاون الدولي لمواجهة هذا التحدّي وتطويق تأثيراته. –
يعتبر اعتماد هذا القرار إنجازا تاريخيا ونجاحا كبيرا للدبلوماسية التونسية، وتعزيزا لرصيد الثقة والاحترام الذي تحظى به تونس على الساحة الدولية.
وأبرز السفير أن تونس كانت أوّل من طالب باضطلاع مجلس الأمن بدور أساسي في الجهد الأممي للتصدي لهذا الوباء وبدأت بطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن، ونجحت في إقناع الدول الأعضاء بأهمية انخراط المجلس في الحملة الدولية والأممية لمجابهة الوباء، وتم الاجتماع يوم 09 أفريل بحضور الأمين العام.
و ذكر أن بلادنا قدمت مشروع القرار يوم 30 مارس 2020 وعممته على الدول العشر المنتخبة التي رحبت به وساهمت في إثرائه وتبنيه. كما فوّضت هذه الدول تونس لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات الموسّعة على مستوى المجلس بتركيبته الكاملة. وهذا حسب قوله تأكيد آخر على ما تحظى به بلادنا من احترام وتقدير داخل مجلس الأمن وعلى الساحة الدولية عموما.
- ورغم إدراكها للاختلافات العميقة في وجهات نظر الدول الأعضاء حول توصيف الأزمة، وتبادل الاتهامات الخطيرة بين الدول الكبرى وتصاعد الحملات الإعلامية بينها، فقد تمسّكت تونس برؤيتها التي عبّر عنها رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد، والداعية إلى بناء موقف دولي موحّد ومنسجم وقوي، والتسامي عن الخلافات وتركيز جهود كلّ الأطراف على مواجهة هذا الخطر غير المسبوق وتطويق تأثيراته.
- في هذا الإطار، واصلت تونس بنفس العزم والإصرار، مدفوعة بتمسّكها بقيم العمل متعدّد الأطراف وبالتضامن الإنساني ومسؤولية انضمامها إلى مجلس الأمن، المفاوضات على مستوى المجلس بتركيبته الكاملة للتوصل إلى قرار يعكس وحدة الموقف الدولي وتكريس مفهوم الأمن الإنساني الجماعي. - في إطار المفاوضات مع الدول دائمة العضوية، التي كانت آنذاك قد باشرت مفاوضات واتصالات على مستوى العواصم،
أما بخصوص المشروع الفرنسي،بين قيس القبطني أنه تمّ إدماج العناصر التي تمّ التوافق بشأنها بين الدول دائمة العضوية، في نص القرار التونسي، وذلك حرصا على ربح الوقت، وتفاديا للخلافات وتجنّبا لإعطاء صورة سلبية عن مجلس الأمن أو الإيحاء بوجود تيارين داخله، وهو ما يتعارض مع قناعات تونس وتوجهاتها.
وأضاف أن تونس واصلت المفاوضات على مستوى مجلس الأمن بتركيبته الكاملة، حول النص التوافقي الموحّد، بالتنسيق مع فرنسا وبقية الدول الأعضاء، وذلك لتجاوز الخلافات العميقة بين بعض الدول دائمة العضوية (أساسا الصين والولايات المتحدة)
وأكد السفير المندوب الدائم أن تونس استطاعت من خلال الاتصالات المكثّفة على مختلف المستويات، وعدد من الجلسات الخاصة لمجلس الأمن التي طلبت عقدها، ومسار طويل من المفاوضات، أن تستوعب كلّ الخلافات والتناقضات وتقرّب المواقف وتقنع الجميع بضرورة توحيد الجهود، وتفعيل دور مجلس الأمن وتوجيه رسالة إيجابية إلى كلّ شعوب الأرض التي تتطلّع إلى دور أكثر فاعلية لهذا الجهاز الدولي الهام، تمثّلت في هذا القرار التاريخي الذي تمّ اعتماده بالإجماع.
كما ذكر قيس القبطني أن تونس انضمت إلى مجلس الأمن أربع مرات، وكانت عضويتها دائما فاعلة وهامة، لا سيّما في الإسهام في خدمة القضايا العربية والإفريقية وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية العادلة، وفي كلّ المسائل والقضايا الأخرى المتّصلة بتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وذلك تكريسا لثوابت ومبادئ سياستها الخارجية.
رؤوف بن رجب
التعليقات
علِّق