قلب تونس في " عزلة سياسية "

قلب تونس في " عزلة سياسية "

مع تكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد لإلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة في غضون شهر ، تبدو وضعية هذا الأخير أكثر من مريحة مقارنة بالحبيب الجملي ، سيما وأن عديد الأحزاب والكتل البرلمانية أبدت مواقفها الداعمة له على غرار " تحيا تونس " والتيار الديمقراطي وحركة النهضة وحركة الشعب وكتلة المستقبل ... وبالتالي فإن ذهابه للبرلمان لنيل الثقة سيكون مسبوقا بأغلبية مريحة .
اختيار الفخفاخ جعل أسهم بعض الأحزاب والكتل النيابية تصعد مجددا في المشهد السياسي ، على غرار حركة النهضة والتيار الديمقراطي وخاصة حزب " تحيا تونس " الذي أكّد أنه طرف فعّال ومحوري باعتبار أن الفخفاخ كان مرشحه الأول لرئاسة الحكومة .
ولعلّ ما يعزّز ذلك هو اللقاءات الأولى التي عقدها الفخفاخ بعد تكليفه بتشكيل الحكومة والتي كشفت توجهاته السياسية ، حيث استقبل كل من جوهر بن مبارك وعلي العريض ووزير الخارجية السابق في حكومة الترويكا عثمان الجرندي الى جانب زميلته السابقة في حزب التكتل من أجل العمل والحريات .
في الجهة المقابلة تبدو مواقف حزب الدستوري الحرّ ثابتة ورافضة للتصويت لأي حكومة حتى وإن تم تشكيلها وتفصيلها من عبير موسي نفسها ، باعتبار أن الحزب قائم على رفض منظومة 14 جانفي ورفض كامل للأحزاب التي تؤمن بالثورة .
أما حزب " قلب تونس " فقد وجد نفسه هذه المرّة في " عزلة " وقد يفقد اشعاعه الذي استمدّه من سقوط حكومة الحبيب الجملي بعد أن تباهت قياداته بأنهم حالوا دون مرورها في البرلمان .
قلب تونس واصل عزلته السياسية وأصدر مساء أمس الثلاثاء بلاغا صحفيا أعلن فيه عدم ارتياحه للطريقة التي اعتمدها رئيس الجمهوريّة في اختيار رئيس الحكومة المكلّف باعتباره لم يتشاور بشكل مباشر مع الأحزاب الفائزة في الانتخابات والممثّلة في مجلس نواب الشعب إضافة إلى عدم اعتماده على الأسماء المقترحة للتكليف، وذلك خلافا للمنهجيّة التي أقرّها بنفسه، وهي أسماء حازت على توافق واسع، وهو ما لا يتناسب مع إرادة الناخبين والنتائج التي أفرزتها الانتخابات.
وما يعزّز عزلة " قلب تونس " هو تصريحات قيادات أكثر من حزب سياسي والرافضة لتواجد " حزب القروي " في حكومة الفخفاخ وكان اخرها تصريحات غازي الشواشي الأمين العام للتيار الديمقراطي على موجات شمس اف ام أمس الثلاثاء ، وهي نفس المواقف التي تُبطنها قيادات النهضة .
عموما يمكن القول أن تكليف الفخفاخ بشتكيل الحكومة سيكون مفصليا في الخارطة السياسية الحالية ، ونتوقع في الأشهر القليلة القادمة " ذوبان " بعض الكتل البرلمانية التي فشلت في فرض وجودها سواء في التشكيلة الحكومية او في المعارضة وهذا ما بدأ يتجلّى في الاستقالات التي وقعت ليلة امس في حزب الرحمة الذي انقسم بين داعم للمشاركة في الحكومة ومعارض لها .

ش.ش

التعليقات

علِّق