في استفزاز صارخ : التلفزة الوطنية تسمح لحاتم بن سالم مرّة أخرى بأن يغالط الناس وأن يتعالى عليهم ؟؟؟
أثار حضور وزير التربية سابقا حاتم بن سالم يوم أمس على القناة الوطنيّة استياء كبيرا لدى جزء كبير من التونسيين لعدّة أسباب لعلّ أهمّها:
- أن هذا الرجل لم يتخلّ يوما عن " منطق التعالي " في خطابه إذ كان خلال هذا الحضور يقوم ببعض الإيحاءات التي يفهم منها أنه لا قبله ولا بعده وأنه العبقري الوحيد الذي يفهم في أمور التعليم وهو الوحيد الذي حاول إصلاحه منذ عهد بن علي لكن " المسكين " عرقلوه ولم يتركوا له فرصة الإصلاح.
- أن هذا الرجل ما زال يقوم بمغالطات كبيرة وعديدة ( حتى لا أقول كلمة أخرى تعوّض المغالطات ) ومنها على سبيل المثال أنه " اطّلع " على برنامج التاريخ فوجد ( هو قال إنه صدم أصلا ) أن تلاميذنا ما زالوا إلى اليوم يدرسون في مادة التاريخ الفلاحة في عهد الاتحاد السوفياتي في حين يؤكّد مدرّسو التاريخ في معاهدنا أن هذا البرنامج تم حذفه منذ تسعينات القرن الماضي أي منذ تفكك الاتحاد السوفايتي إلى دول متعددة.
- أن ظهوره في هذا الظرف بالذات يثير شكوكا كثيرة وأسئلة أكثر لعلّ أهمّها : لماذا كلّما تحّثنا عن إصلاح في ميدان ما ( وخاصة في التعليم ) لا تلجأ بعض وسائل الإعلام ومنها بالخصوص التلفزة الوطنية إلى إلى " الماضي " الذي يثير حفيظة التونسيين فلا تبحث إلا عن أشخاص أثبتوا أنهم فاشلون وأولهم حاتم بن سالم الذي كان وزيرا للتربية في أكثر من مناسبة وينسب له العارفون أنه واحد ممّن دمّروا التعليم في تونس . وعلى هذا الأساس قال أحدهم معلّقا على هذا الظهور الغريب غرابة توقيته : " جار التطبيع مع التجمعيّين وتبييضهم ومحاولة إظهارهم كبديل عن منظومة النهضة. الإعلام الذي لم يقع تطهيره يلعب اليوم هذا الدور المشبوه.". ونلاحظ هنا أنه قام بالتعميم في ما يخص الإعلام والحال أنه كان عليه أن يقول إن جزءا كبيرا من الإعلام لم يقع تطهيره. وهو يواصل لعب الأدوار المشبوهة منذ أكثر من 10 سنوات.
- أن جزءا من الإعلام ( ومنه التلفزة الوطنية ) ما فتئ يقدّم هذا الرجل على أساس أنه " الخبير الوحيد الأوحد " في هذه البلاد وأنه الوحيد القادر على " الإنقاذ " خاصة في ما يتعلّق بإصلاح منظومة التعليم المهترئة . وقد لاحظنا أن هذا الجزء من الإعلام لم يدّخر أي جهد في " تبييض " حاتم بن سالم وتقديمه على أساس أنه " الأفضل " لرئاسة الحكومة قبل تعيين السيدة نجلاء بودنّ في هذا المنصب. ورغم فشل المحاولات المتكررة ما زال البعض يعتقد أو يحلم بأن يساهم في عودة هذا السيّد إلى أي منصب في الحكومة وكأنه المهدي المنتظر الذي لم تخلق البلاد قبله أو بعده.
وحتّى لا يكون كلامي " في الهواء " فقد قال حاتم بن سالم ( المتألّم جدّا من حال التعليم في تونس ) إنّه يعرف أن " جماعة الفايسبوك سيقولون تلك المقولة الشهيرة : كان جاء فالح راهو من البارح " فردّ عليه البعض عبر وسائل التوصل الاجتماعي بما معناه " كاد المريب يقول خذوني ". والمعنى الصحيح هنا هو بالفعل لو كان هذا الوزير فالحا كنّا نرى إنجازاته منذ زمن بعيد عندما أتيحت له أكثر من فرصة لكنّه ساهم في تدمير المنظومة التربوية عوض إصلاحها .
وفي كافة الأحوال لا يجب أن أمرّ بسهولة دون أن أطرح بعض التساؤلات :
- إلى متى ستظلّ بعض وسائل الإعلام ومنها الإعلام العمومي الذي يهمّنا في المقام الأول ) تجترّ هذه الوجوه المستهلكة ولا أتحدّث هنا عن بن سالم وحده وإنما عن وجوه أخرى نعرف جميعا أنها كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالماضي التعيس وبعضها يطلّ علينا كلّ يوم في التلفزة الوطنية في ثوب " الثوري " وهو الذي كان من أكبر التجمعيين الذين لم يدّخروا أي جهد في سبيل خدمة بن علي ونظامه أكثر من 20 عاما ؟.
- متى ستفهم التلفزة الوطنية التي تعيش من أموال الشعب أنها في خدمة الشعب وبالتالي عليها ألّا تستفزّ جزءا كبيرا من هذا الشعب من خلال الإصرار على الكثير من الاستضافات المشبوهة ولا فائدة هنا من كثرة لتفاصيل التي يتعلّق بعضها حتى بالبرامج الرياضية ؟.
- إذا كنّا نفهم أن لكل وسيلة إعلامية خاصّة " شيطانها " الخاص فتعمل بالتالي حسب ما يمليه عليها ونفهم أن ذلك يمكن أن يقبله العقل والمنطق فمتى تفصح التلفزة الوطنية عن حقيقة " شيطانها " وماذا تريد بالضبط وأي دور تلعبه لأننا بصراحة ما زلنا لا نعرف لها منهجا محددا غير ما يقال عنها وملخّصه أنها تميح مع الرياح حيث تميح أو أنها ما زالت تحنّ إلى الماضي النوفمبري التعيس وتريد إحياءه من جديد ... وهنا لا أقصد الصحافيين العاملين في هذه المؤسسة لأني أعرف أن أغلبهم من الأحرار بل أقصد العديد من الذين تولّوا إدارتها وكانوا على الدوام أوفياء لتلك العادات السيئة وقوة جذب إلى الوراء.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق