غزوة "البناء القاعدى" فى مشروع الدستور !

غزوة "البناء القاعدى" فى مشروع الدستور !

تعدّدت القراءات  حول مكانة "النظام القاعدى" الذى بشّر به الرئيس دون مواربة منذ سنوات طويلة صلب مشروع "الزمام الأحمر" موضوع الاستفتاء الا أنها فى أغلبها أجمعت على أنه حاضر بقوة وبشكل حصرى  فى  الباب الثالث (القسم الثانى) المتعلق  "بالمجلس الوطنى للجهات والأقاليم" الذى يعكس بحق  التوجّهات  الكومونية - المكية (فى إحالة مزدوجة الى "كمونة باريس" والى رضا شهاب المكى شهر "لينين") لمشروع الدستور.

سنحاول فى هذه الورقة استكشاف " مناطق الظل القاعدية " الاخرى  المضمّنة فى هذا المشروع   والتى  تٌعدّ بحق المجال الحيوي الدستورى الذى يرتكز عليه "المجلس الوطنى للجهات والاقاليم" وذلك وفق هندسة دستورية - قاعدية محكمة التقعيد والبناء.

وبما أن  الدساتير يتم مقاربتها وتفسيرها منهجيا كوحدة منسجمة فإن مفهوم البناء القاعدى  - خلافا لما يعتقد - اخترق أهم ابواب وثيقة المشروع بدءا بالتوطئة وانتهاءا بالأحكام الانتقالية نسوقها كما هى دون تعليق، معوّلين فى ذلك على فطنة القاريء فى فك طلاسمها القاعدية ... 

1- فى مستوى التوطئة

حيث تضمنت  الفقرات التالية   :

"اننا نؤسّس الى تركيز نظام دستورى جديد يقوم لا فقط على دولة القانون بل على مجتمع القانون حتى تكون القواعد القانونية تعبيرا صادقا أمينا عن ارادة الشعب، فيستبطنها ويحرص بنفسه على انفاذها ويتصدى لكل من يتجاوزها او يحاول الاعتداء عليهاا".

"نحن الشعب التونسى الذى رفع يوم 17 ديسمبر من سنة 2010 شعاره العابر للتاريخ، الشعب يريد، نقر هذا الدستور أساسا تقوم عليه جمهورية تونسية جديدة".

2- فى مستوى الباب الأول - أحكام عامة

الفصل 16  : 

"تعرض الاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية على مجلس نواب الشعب وعلى المجلس الوطنى للجهات والأقاليم للموافقة عليها".

3 - فى مستوى الباب الثانى الوظيفة التشريعية

فى القسم الأول : مجلس نواب الشعب 

الفصل 56 :

"يفوض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابى أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابى ثانى يسمى المجلس الوطنى للجهات والأقاليم".

الفصل 57 :

"مقر مجلس نواب الشعب ومقر المجلس الوطنى للجهات والأقاليم تونس العاصمة، ولهما فى الظروف الاستثنائية أن يعقدا جلساتهما باى مكان اخر من تراب الجمهورية".

الفصل 75 :

"تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بالمسائل التالية : ...تنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطنى للجهات والأقاليم...المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الاقاليم والهياكل التى يمكن أن تتمتع بصفة الجماعة المحلية ..."

الفصل 78 :

"يجوز لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب أو لثلث أعضاء المجلس الوطنى للجهات والأقاليم، خلال الايام الثلاثة الموالية لمصادقة المجلس للمرة الثانية بعد الرد أو بعد انقضاء اجال ممارسة حق الرد دون حصوله، الطعن بعدم الدستورية فى أحكام قانون المالية امام المحكمة الدستورية التى تبت فى اجل لا يتجاوز الايام الخمسة الموالية للطعن.

اذا قضت المحكمة بعدم الدستورية، تحيل قرارها الى رئيس الجمهورية الذى يحيله بدوره الى رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطنى للجهات والأقاليم، فى أجل لا يتجاوز يومين اثنين من تاريخ قرار المحكمة، ويصادق المجلسان على المشروع خلال الايام الثلاثة الموالية لتوصلهما بقرار المحكمة الدستورية...".

فى القسم الثانى : المجلس الوطنى للجهات والأقاليم (من الفصل 81 إلى الفصل 86 )

4-  فى مستوى الباب الرابع الوظيفة التنفيذية

فى القسم الأول : رئيس الجمهورية 

الفصل 92 :

"رئيس الجمهورية المنتخب يؤدى أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطنى للجهات والأقاليم اليمين التالية : ..."

الفصل 96 :

"لرئيس الجمهورية فى حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها يتعذر معه السير العادى لدواليب الدولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطنى للجهات والأقاليم...",

الفصل 100 :

"رئيس الجمهورية يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الاساسية ويعلم بها مجلس نواب الشعب والمجلس الوطنى للجهات، وله ان يخاطبهما معا اما مباشرة أو بطريق بيان يوجه اليهما" .

الفصل 103 :

"وتعلق اجال الختم فى صورة الطعن فى دستورية القانون أمام المحكمة الدستورية، ويتولى رئيس الجمهورية اما ختم القانون اذا قضت المحكمة الدستورية بدستوريته واما اعادته الى مجلس نواب الشعب أو الى المجلس الوطنى للجهات والاقاليم ...".

الفصل 108 :

"أثناء مدة التعذر، تبقى الحكومة قائمة الى حين زوال التعذر حتى وان تعرضت الى لائحة لوم ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الوطنى للجهات والأقاليم بتفويضه المؤقت لاختصاصاته".

الفصل 109 :

" ويؤدى القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية امام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطنى للجهات والاقاليم مجتمعين ...".

فى القسم الثانى  : الحكومة 

الفصل 114 :

"...ولكل نائب بمجلس نواب الشعب وبالمجلس الوطنى للجهات والأقاليم أن يتوجه لاعضاء الحكومة باسئلة كتابية أو شفاهية...".

الفصل 115 :

" لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطنى للجهات والأقاليم مجتمعين أن يعارضا الحكومة فى مواصلة تحمل مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم ...".

5-  فى مستوى الباب الخامس : المحكمة الدستورية

الفصل  130 :

" يحال القانون الذى اقرت المحكمة بأنه غير دستورى الى رئيس الجمهورية ومنه الى مجلس نواب الشعب وللمجلس الوطنى للجهات والأقاليم أو لاحدهما حسب الحالة للتداول فيه مجددا ...".

6-  فى مستوى الباب السادس : الجماعات المحلية والجهوية

الفصل 133 :

" تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التى يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون".

7- فى مستوى الباب العاشر الأحكام الانتقالية

الفصل  142 :

" تدخل الاحكام المتعلقة بالمجلس الوطنى للجهات والأقاليم حيز النفاذ اثر انتخاب أعضائه بعد وضع كل النصوص ذات الصلة...".

 ينضاف الى جميع هذه الفصول التبخيس  الممنهج للسلطات التقليدية الثلاث والحط بها الى مستوى الوظائف  مما من شأنه   ان يٌحصّن  المشروع "البناء القاعدى" مستقبلا من كل تطاول مؤسّسى غير قاعدى...

لكم سديد النظر !

 بقلم : محجوب لطفى بلهادى

 باحث فى القانون والتفكير الاستراتيجى

التعليقات

علِّق