طباعة الكتب المدرسية في تركيا : مغالطات بلا حساب وإصرار على المنافع والاحتكار

طباعة الكتب المدرسية في تركيا : مغالطات بلا حساب وإصرار على المنافع والاحتكار

كثر الحديث هذه الأيام عن طلب عروض دولي قامت به الدولة التونسية لطباعة الكتب المدرسية للسنة الدراسية المقبلة خاصة بعد أن  فازت مطبعة ( أو مجموعة مطابع ) تركية بالصفقة .

وعلى هذا الأساس ثارت حفيظة المعنيين بطباعة الكتب المدرسية في تونس لعدّة أسباب يبدو بعضها منطقيّا وهو أن الأولوية تبقى دائما للمطابع التونسية ومنها ما هو نابع من خلفيات إيديولوجية تعادي كلّ ما هو تركي في ربط غير منطقي بين السياسي والصناعي أو التجاري.

وفي هذا الإطار أعلنت  المنظمة الوطنية لدعم المنتج التونسي  " تونس تنتج " أنها علمت بأن المركز الوطني البيداغوجي قد فتح طلب عروض دوليّا  لطباعة الكتاب المدرسي بالخارج وتحديدا بمطابع تركية   بحجة البحث عن سعر أقل من سعر الطباعة في تونس.
وأعربت المنظمة عن " رفضها التام لطباعة الكتاب المدرسي في أي بلد أجنبي  لأن هذا النوع من القرارات يضر بالمؤسسات التونسية التي تشغّل اليد العاملة التونسية والمؤسسات التي تدفع الضرائب و يعني الإضرار بالنسيج الصناعي الوطني في وقت تسعى فيه كل البلدان إلي اتخاذ كل الإجراءات لدعم مؤسساتها الوطنية و في فترة  يمر فيها العالم بصعوبات غير مسبوقة.
 وقد دعت المنظمة   السلط التونسية إلي إيقاف نزيف استسهال اللجوء إلي الخارج على حساب المؤسسات التونسية واتخاذ كل الإجراءات التي تدعم إنتاجنا الوطني حسب المنظمة طبعا.

وبالبحث والتدقيق في هذا الموضوع  أفادت بعض مصادرنا بأن  السّبب  الذي جعل  الأتراك يفوزون بطلب  العروض لطباعة كتبنا المدرسيّة   هو أن  المركز  الوطني البيداغوجي كان قد أعلن  بتاريخ 6 ديسمبر 2021 عن  طلب عروض وطني  لطباعة الكتب المدرسية  مخصص للشركات التونسية . وبعد تقديم العروض  لاحظ المركز  أن أسعار الطباعة  التي تم تقديمها  مرتفعة جدّا حتى بالمقارنة بأسعار الموسم الماضي.

 وأكدت مصادرنا أن صانعي الكتب التونسيين " تفاهموا " على ما يبدو  وقدموا عرضا  قيمته حوالي 63  مليون دينار  ( 45 مليون دينار طباعة + 18 مليون دينار مبلغ الدعم المقدم من قبل وزارة التجارة )أي تقريبا ضعف كلفة السنة الفارطة  التي  كانت حوالي  24  مليون دينار دون احتساب الدعم الذي كان في حدود 4.3 مليون دينار علما بأن سعر ورق الطباعة لم يشهد أي ارتفاع مقارنة بالسنة الماضية.

 وعلى هذا الأساس رفض المركز البيداغوجي عرض  المؤسسات التونسية وعرض الأمر على مجلس وزاري ضمّ كافة الوزارات المعنية   واقترح إجراء  طلب عروض دولي بموافقة كافة الأطراف بما في ذلك الغرفة الوطنية لصانعي الكتب.

وأكّد المركز أن كافة المؤسسات التونسية يمكنها المشاركة في طلب العروض الدولي سواء بصفة فردية أو في شكل مجمّعات  وأن المؤسسات التونسية تحظى بالأولوية حتى لو قدّمت سعرا أرفع بنسبة 10 بالمائة من أدنى سعر تقترحه أية مؤسسة أجنبية .

ويبدو حسب مصادرنا أن الغرفة رفضت مراجعة أسعارها  وأنها قد تكون قادت  حملة إعلامية للضغط على الحكومة  مثلما كان يحدث  طيلة 10  أعوام أو ربما أكثر.

ينعقد مجلس وزاري ويقرر طلب عروض دولي وذراعك يا علاف.

 الآن وقد فاز الأتراك بالصفقة فإن الخاسر في النهاية  هو المطابع التونسية  التي تعنّتت ورفضت تعديل السعر بالمعقول والمنطق.   كما خسرت الدولة التونسية عملة صعبة كان  عليها  استعمالها في ما   شؤون أخرى مهمّة .

 وترى بعض مصادرنا أن السبب  الحقيقي لكل ما حدث مجموعة من  محتكري طباعة الكتب المدرسية فرضت أسعارها طيلة أكثر من 10 سنوات وأرادت مرة أخرى أن تجبر الدولة على المضي قدما في سياسة التواطؤ   وأن  تتخلى  عن دورها  في تعديل السوق ومنع الاحتكار والمضاربة.

هذه إذن كل الحكاية حسب مصادرنا وحسب البيان الرسمي التوضيحي الذي أصدرته في الغرض وزارة التربية بتاريخ 1 مارس 2022 ( أنظر نص البيان ). ويتساءل البعض : لماذا هذا الكمّ الهائل من المغالطات وماذا يريد هؤلاء بالضبط من الدولة التونسية ؟ هل يريدون منها أن " تسيّب الماء على البطّيخ " حفاظا على مصالح " 4 كعبات " على حساب مصلحة الشعب التونسي بأكمله؟؟؟.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق