حول حرية الرأي والتعبير : المس من المقدسات خط أحمر جرمته الثورة الفرنسية وأباحة سفيان بن حميدة

حول حرية الرأي والتعبير : المس من المقدسات خط أحمر جرمته الثورة الفرنسية وأباحة سفيان بن حميدة

بقلم الأستاذ علي بن موسى

أن نعتمد على الغرب في التكنولوجيا فهو أمر طبيعي، وأن نبني نهضتنا الحديثة على تجارب أروبا فهو ضروري بما أنها قدمت للعالم نموذجا لمجتمع جديد يقوم على مبادئ كونية كالحرية والعدالة والمساواة و حقوق الإنسان لايختلف عاقلان على أهميتها في تنظيم حياة الأفراد و الجماعات.وتعد الثورة الفرنسية التي تشبعت بمبادئ فلاسفة الأنوار التجربة الأكثر ثراء على المستوى العالمي لأنها أسست لمرحلة تاريخية جديدة وضعت أسس الدولة الديمقراطية الحديثة، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار العالم الغربي عموما و فرنسا خصوصا المثال الذي نتعلم منه في بنائنا لديمقراطيتنا الوليدة والتي من أهم دعائمها "الحرية" التي ضبطتها وثيقة "إعلان حقوق الإنسان و المواطن"التي صدرت عند الثورة الفرنسية 26أوت 1789وخاصة حرية الرأي و التعبير حيث تقول" لا ينبغى إزعاج أحد بسبب آرائه حتى الدينية منها شريطة أن الإعراب عنها لا يخل بالنظام العام" ، و أيضا :"الحرية هي القدرة على إنجاز عمل لا يلحق الضرر بالآخرين . من هذا المنطلق أسأل التونسيين بمثقفيهم وإعلامييهم وعامتهم : هل أن فهمنا كتونسيين للحرية يرتقي إلى هذا الفهم العميق والمسؤول ؟ هل أن حرية التعبير مثلا لا تستقيم إلا بالمس بالمقدسات مهما كانت بوذية، هندوسية، يهودية، إسلامية، مسيحية ؟ هل الحرية أن نقطع الطريق و نغلق المؤسسات ونستولي على أملاك الغير ونعتدي على الآخرين ؟ وفي علاقة بحرية الرأي أسوق مثالا من فرنسا التي أصدرت في الفترة الأخيرة قانونين :الأول يجرم كل من يشكك في إبادة الأرمن على يد الأتراك على غرار القانون الذي يجرم التشكيك في الهولوكوست علي يد النازية المعمول به في كل الدول الغربية و التهمة معادات السامية وهذه مواقف وآراء لها بعد تاريخي من الطبيعي أن أن تطرح للنقاش و قد كان المفكر الفرنسي روجي ڨارودي أحد ضحاياه. أما القانون الثاني فيجرم كل من يسيء إلى تاريخ المتعاونين مع الإستعمار الفرنسي من الجزائريين الذين يسمون " الحركيين" و في المنظور التاريخي البحت يعتبرون خونة تعاملوا مع الإحتلال. إذا كانت فرنسا التي غيرت تاريخ العالم الحديث و المعاصر بثورتها منذ القرن 18 تصدر مثل هذه القوانين فكيف نقنع التونسيين بقبول الإساءة لدينهم و مقدساتهم باسم حرية الرأي والتعبير ونحن في السنة الأولى ديمقراطية ؟! و على الطرف المقابل يتعرض الصحفيين و الأكاديميين إلى الإعتداء بحجج مختلفة وهذا مدان  لا يمكن تبريره والسكوت عنه لذلك أدعو إلى حرية مسؤولة تقوم على علوية القانون الذي لابد أن يكون الفيصل في فض الخلافات و لا نتهم من يلجأ للقضاء من هذا الطرف أو ذاك بأنه يريد أن يعود بنا إلى الإستبداد لأن الإحتكام إلى القانون يعد أرقى درجات السلوك المدني ، و أن نؤمن بأن لا أحد فوق القانون مهما كانت مكانته و أن نقبل أحكامه حتى و إن إختلفنا معها . من الضروري أن نؤمن بأن الديمقراطية بناء وسلوك وفعل تراكمي ومن الطبيعي أن يرافق أي فعل و سلوك بعض الأخطاء التي علينا أخذ العبر و الدروس منها وأن لا يتخيل أي أحد بأنه معصوم من الأخطاء وأن نعمل بقولة رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب ، عند ذلك سنحقق أهدافنا في البناء الديمقراطي . أخيرا ، الديمقراطية ،الحرية ، العدالة ، المساواة ، الكرامة .... عربات قطار منا من يركب داخلها ومنا من يركب فوقها ومنا من لا يريدها أن تغادر المحطة و منا من يضع حواجز لتنقلب ، و منا من يريدها أن تسير إلى الوراء .

 

التعليقات

علِّق