تعامل التلفزة " الوطنية " مع كارثة الأمطار في نابل : فضيحة وعار واتهامات بعودة التعليمات

تعامل التلفزة " الوطنية " مع كارثة الأمطار في نابل : فضيحة وعار واتهامات بعودة  التعليمات


دون لفّ أو  دوران أو فلسفة زائدة نقول إن تعامل  التلفزة التي يقال إنها وطنية بقناتيها مع الكارثة الكبرى التي حلت بولاية نابل  فضيحة لا مثيل لها وعار لا نعتقد أن الزمن ( القريب على الأقل ) قادر على محوه بسهولة . فعندما كانت أنظار العالم كلّه تتابع ما يحدث في ولايتنا المنكوبة التي لا تبعد كثيرا عن مقر التلفزة ... وعندما كان الأهالي يعيشون قصص رعب حقيقية وفيهم من جرفته المياه وغادر الحياة كانت " الوطنية جدا " تبث برامج  عادية " بايتة " لا معنى لها ولا رائحة ولا طعم ولا روح . وأكثر من هذا فقد بثت سهرات  غناء و " شطيح ورديح " وكأن الأرواح التي سقطت بجهتي بوعرقوب وتاكلسة  سقطت في رواندا في تسعينات القرن الماضي ... وكأن ما يحدث في نابل ( ومن بعده في سوسة وبعض مدن الساحل الأخرى )  لا يعني هذه المؤسسة التي نذكّر إدارتها للمرة الألف بأن لحم أكتافهم من خير هذا الشعب الذي بات يتساءل : إلى متى سيظل يدفع غصبا عنه أجور موظفين وعاملين وإداريين لا يفعلون شيئا سوى أنهم يذهبون كل آخر شهر إلى البنك أو إلى مكتب البريد ليسحبوا تلك اللقمة الباردة التي تقتطعها الدولة من عرق " الغلابة " لتعطيها لهم جزاء الكسل والخمول ؟؟؟.
لقد أظهرت التلفزة مرة أخرى أنها تعيش في كوكب آخر غير هذا الكوكب الذي يجمعنا  وأن اهتماماتها أبعد ما تكون عن اهتمامات عامة الناس وهي التي تسنى عبثا وخطأ تلفزة عمومية . والمسألة مثلما نعرف جميعا لا تتعلّق بقلّة الإمكانات أو بأي عذر من الأعذار التي يتحجج بها الكسالى عادة بل تتعلّق بأمور أخرى لا تخرج عن أحد احتمالين اثنين لا ثالث لهما : إما أن عادة التواكل والكسل وعقلية العطلة والراحة قد تأصلت في هذه المؤسسة  بحيث لا اجتهاد ولا إنتاج ولا هم يحزنون  وإما أنها باتت تخضع إلى تعليمات الحكومة التي يبدو أن بعض أعضائها حنّوا إلى عهد عبد الوهاب عبد الله حيث كان إذا ماتت نملة في صحراء دوز يعطي تعليماته بإخفاء الخير والتعتيم عليه خوفا من أن يقال  إن بن علي مسؤول عن موتها .
ويبدو في هذا السياق أن التعليمات عادت بقوة لأن هناك من لا يريد أن يكشف الإعلام المرئي عيوب البنية التحتية التي ساهمت في الكارثة وبعضها يعود إلى عهد ما بعد 14 جانفي 2011 . وهذا طبعا مفهوم لأن أغلب من يمسكون بزمام الأمور اليوم ينتمون إلى عهد التعليمات  والتضليل الإعلامي وذلك الخور الذي نعرفه جميعا .
وفي حقيقة الأمر فإن التلفزة " الوطنية " ليست وحدها في هذا النشاز .. فقد فوّت الإعلام  العمومي والخاص يوم أمس فرصة تاريخية ليتصالح مع  الناس العاميين ويظهر لهم أنه منهم وإليهم  وأنه ينقل همومهم وشواغلهم ومصابهم ومآسيهم . فقد كان هذا الإعلام  في عالم آخر غير هذا العالم  ولم نر منه أي اجتهاد في أي اتجاه رغم أن الفرصة ( ولو أنها كارثة ) كانت مواتية لنقل الحقائق والوقوف مع المنكوبين عسى أن يحسّوا بأن هناك من يحسّ بهم وبمآسيهم  وعسى ألّا يتعاظم شعورهم بالغبن والغضب من تصريحات مسؤولين يعيشون أيضا في  كوكب آخر على غرار والية نابل التي نقل عنها قولها " إن الوضع تحت السيطرة " والحال أن ولاية نابل كادت تصبح جزءا من إيطاليا جرّاء المياه التي جرفت الأخضر واليابس وجرّت الحجر والبشر والسيارات  والشاحنات والشجرات ... والوالية تقول " الوضع تحت السيطرة " .
باختصار شديد لقد برهن الإعلام العمومي  والتلفزة التونسية   بالخصوص على قصور " كلوي " مزمن . وقد ظننا خطأ أن الأمور ستتغير بعد 14 جانفي 2011 ودافعنا عن هذه المؤسسة بكل شراسة عسى أن تؤدي الدور المطلوب منها وهو  الإعلام العمومي  والقرب من عموم الناس ومن حياتهم وهمومهم .  وبكل تأكيد اتضح بالكاشف أن لا شيء قد تغيّر في هذه المؤسسة  التي ( لمن لا يعلم ) يعمل بها حوالي 1350 شخصا بين موظفين وعملة وصحافيين ... لكن الإنتاج " يجيبو ربّي " .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق