بين الدرّاجي و أبو تريكة : الأول أساء إلى علاقاتنا مع الجزائر والثاني أعاد الحرارة إلى علاقاتنا الرياضية مع مصر

بين الدرّاجي و أبو تريكة :  الأول أساء إلى علاقاتنا مع الجزائر والثاني أعاد الحرارة إلى علاقاتنا الرياضية مع مصر

ما زالت تصريحات المعلّق الجزائري حفيظ الدراجي تثير الكثير من الاستياء والغضب لدى التونسيين منذ أن قال " إن المنتخب التونسي منتخب تعيس " خلال تعليقه على لقاء منتخبنا الوطني والمنتخب السوري في إطار البطولة العربية في قطر بالرّغم من أنه لم يجانب الصواب في  ما يتعلّق بأداء منتخبنا في  ذلك اللقاء بالذات .

وفي المقابل أبدى  نجم الكرة المصرية الشهير محمد أبو تريكة أنه لم يكن مجرّد لاعب كبير يحظى بحب الجماهير المصرية والعربية على حدّ السواء بل كان ولا يزال  مثالا للاتزان والرصانة من خلال تحاليله المنطقية على قنوات " بي إين سبورت " . وعلى سبيل المثال فقد تفاعل كثيرا مع منتخبنا  الوطني  قبل وخلال وبعد لقاء نيجيريا وعبّر عن فرحته الكبرى ( قولا وفعلا ) بعد انتصارنا على نيجيريا . وحتى في كواليس ذلك اللقاء ( التي لا نراها طبعا ) فقد شاركنا فرحتنا بكل صدق ممّا جعله يزداد شعبيّة لدى التونسيين أكثر من أي وقت مضى.

نقول هذا لندرك الفرق بين الرجلين لعدّة أسباب لعلّ أهمّها :

- لقد كانت علاقتنا الرياضية مع مصر ومنذ عهود بعيدة ( وخاصة منذ أن انتصرنا عليهم في المنزه بنتيجة 4 - 1  في شهر ديسمبر من سنة 1977 وبالتالي أزحناهم من كأس  العالم 1978 بالأرجنتين ) متوتّرة ... وعرفت كثيرا من فترات الصعود والهبوط واتسمت بالتنافس الشديد في كافة الرياضات تقريبا وخاصة في كرة القدم وكرة اليد والكرة الطائرة سواء من خلال الفرق أو من خلال المنتخبات. وطوال هذا التاريخ الحافل من " المشاكسات الرياضية " والحماس والتنافس لم يتجرّأ علينا نجم من نجوم الكرة المصرية أو من نجوم التعليق عندهم فنعت منتخبنا بأنه تعيس أو أثار بلبلة كبيرة بين الشعبين التونسي والمصري اللذين تبقى العلاقة بينهما كبيرة ولا تتأثّر بالتصريحات الظرفية الناتجة عن التنافس الرياضي.

وهذا يعني أنه حتى لو حدث هذا فهو مفهوم ومقبول لأننا ومصر منافسان تاريخيّان ومن الطبيعي جدّا أن تتميّز علاقاتنا الرياضية ببعض الفترات من المدّ والجزر التي سرعان ما تنتهي  إلى العودة إلى مسارها الطبيعي.

- لقد كانت العلاقات الرياضية بين تونس والجزائر على مرّ التاريخ مليئة بالمنافسات على كافة المستويات وهذا طبيعي بما أننا جاران ولكلّ منّا ما يسمح له بالتنافس وتحقيق أفضل النتائج الرياضية التي لم تؤثّر يوما واحد في تاريخنا كشعبين متجاورين متّحدين في السرّاء والضراء. وكنّا نرى دائما أن كلانا يتمنّى الفوز والتألّق للآخر كلّما لعب أحدنا ضدّ منتخب آخر.

- لقد جاء حفيظ الدرّاجي ( وبقطع النظر عن صواب رأيه أو عدم صوابه ) ليخلق مشكلة من عدم بيننا وبين أشقائنا في الجزائر . وقد رأينا  نتائج ما فعله بهذه العلاقة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي حيث أبدى الكثير من الجزائريين قبل لقاء نيجيريا مثلا الكثير من التعاطف مع " النسور الخضر " والكثير من الأمنيات بأن يخرج منتخبنا من السباق إثر ذلك اللقاء.

وباختصار شديد فإن حركة واحدة أو تصريحا واحد من هؤلاء المؤثرين في الرأي العام كفيلة بأن تخلق أزمة أو تصلح في المقابل علاقة متأزمة بطبعها ونقصد الناحية الرياضية لا غير. وهذا ما فعله الدرّاجي الذي " أشعل النار " في الوقت الذي كان مطالبا فيه بالمؤازرة والحفاظ على العلاقات التاريخية الكبيرة ... وكذلك أبوتريكة الذي أطفأ النار وأعاد صنع علاقة رياضية جديدة بين تونس ومصر وليس أدلّ على ذلك من أن آلافا من الجماهير المصرية نسجت على منواله وباتت تتمنّى لمنتخبنا كل الخير والتوفيق والنجاح... وطبعا هذا هو الفرق بين رجل يهدّ ما يتمّ بناؤه ورجل يبني ما تمّ هدمه علما بأن صورة أبو تريكة المرافقة أخذت له وهو يعبّر عن فرحته بفوز منتخبنا الوطني على المنتخب النيجيري.

جمال المالكي

 

التعليقات

علِّق