الحملة على وزير التعليم العالي : هل يدافع مجلس النواب عن " لوبيات " المال والفساد ؟

انطلقت منذ بضعة أشهر حملة " غامضة " ضد وزير التعليم العالي والبحث العلمي شهاب بودن . وقد طالبت الأطراف التي لم تفصح عن نفسها بإقالة الوزير تحت ذرائع مختلفة لعلّ الظاهر منها أن تلك الأطراف " حريصة على الرفع من مستوى التعليم العالي والبحث العلمي في تونس " .
أما اليوم فقد بدأت خيوط اللعبة تنكشف خاصة بعد أن توسّع نطاقها لتصل إلى أروقة مجلس نواب الشعب حيث أمضى 30 نائبا ينتمون إلى نداء تونس على ما يبدوعريضة تطالب بإبعاد الوزير المستقلّ المعروف بأنه لا ينتمي إلى أي حزب وأنه " ابن الإدارة " فقط .
" لوبيات " تحارب الوزير ؟
ونعتقد أنه على الجميع ( سلطة وشعبا ونواب شعب ) أن يعرف أن الحكاية ليست مثلما يروّج له بل هي أكبر بكثير من هذا . فقد وضع الوزير منذ تولّيه الوزارة برنامجا شاملا لإعادة هيكلة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس على أسس صحيحة . لكن " لوبيات بعض الجامعات الخاصة " لم تستسغ الأمر ورأت أنه يضرب مصالحها في الصميم . ومن هنا شنّت على الوزير حملتها مستعينة ببعض من وسائل الإعلام التي ترتبط مع هذه الجامعات بمصالح خاصة على غرار الإشهار أو غيره . ومع احترامنا الشديد للجامعات الخاصة التي تحرص على تطبيق برامج تعليمية تتلاءم مع برامج الجامعات العمومية وتحرص على تطبيق كراس الشروط المتعلق بالجامعات الخاصة وفيها مستوى تعليمي مرموق هناك أيضا بعض الجامعات التي لا تحترم كراس الشروط ولا مستوى التعليم والبرامج وفيها تجاوزات كبيرة حيث تباع في البعض منها الشهائد وتشترى . وقد ولّد هذا أزمة أو لنقل احتجاجات كبيرة خاصة لدى عمادة المهندسين التونسيين التي لا تقبل أن يتساوى المهندس الذي يدرس في الجامعات العمومية التي وجّه إليها بعد حصوله على الباكالوريا مع " مهندس " درس في جامعة خاصة دون شهادة الباكالوريا ثم تخرّج بشهادة مشكوك في أمرها حسب ما قالت العمادة في الكثير من المناسبات السابقة .
هل يدافع النوّاب عن الفساد ؟
لنعد الآن إلى مسألة النواب الثلاثين الذين قيل إنهم أمضوا العريضة المذكورة للمطالبة بإقالة الوزير وليس الأمر رسميّا إلى حدّ الآن رغم التسريبات العديدة التي تقول إنه أمر واقع . فلو صحّت هذه الحكاية ومضى النوّاب في مسعاهم فيا لخيبة المسعى . وحسب علمنا فلقد انتخب الشعب نوابه بمختلف انتماءاتهم واتجاهاتهم للدفاع عن مصالحه وليس للدفاع عن " لوبيّات المال " التي قد تكون اخترقت بعض النوّاب وجنّدتهم لخدمة مصالحها وليس مصالح الشعب . وعلى هذا الأساس نرى أنه على بقية نواب المجلس أن يكونوا متيقّظين لهذه المسألة الخطيرة التي تضرب أحد مقوّمات الدولة والشعب وهو التعليم العالي العمومي لحساب التعليم العالي الخاص من خلال منع الوزير ومن معه من القيام بأيّ إصلاح جوهري يضرب مصالحهم التي يضعونها فوق كل اعتبار.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق