قراءة متأنية في ظاهرة العنف في بلادنا/ ردود فعل حينية وليست جرائم بنوايا قبلية
بقلم: ريم بالخذيري
الكلّ يتحدّث اليوم عن استفحال ظاهرة العنف في المجتمع من الأسرة إلى الشارع و المؤسسات العمومية .وبلغة الأرقام فمرتكبو جرائم القتل أو العنف هم من الشباب و في بعض الأحيان من المراهقين و بالتالي فهؤلاء هم أقرب الى الضحايا منهم الى مجرمين .
هم ضحايا الضغوط النفسية المسلطة عليهم و التي تحاصرهم من كل ناحية و تحوّل شخصيتهم من متسامحة إلى عدائية لاتقبل الحوار و تستبدله باستعمال العنف.هذا الحوار الذي لم يعد موجودا في الأسرة بسبب ذات الضغوط الاجتماعية و اكتفاء الوالدين بتوفير متطلبات الأبناء المادية متجاهلين المتطلبات المعنوية من تربية و حوار و تأطير و تحذير .
كما أن جلّ الاعتداءات و جرائم القتل في تونس مرتكبوها كانوا في حال عدم إدراك بفعل الخمر أو المخدرات أو حبوب الهلوسة و هو ما يؤكّد أنّ هذه الجرائم إنما هي ردود فعل حينية تصنعها الشخصية المهتزة لمرتكب الجريمة و الذي يسعى الى مجابهة الضغوط المتحدث بالهروب من واقعه عبر استهلاك المخدرات و الافراط في الخمر .
والمتأمّل في طبيعة هذه الجرائم يلاحظ أنها كلّها حدثت لأسباب تافهة كان يمكن أن تحلّ بالحوار و تعالج بالتسامح .وفي المقابل هذه الجرائم تؤكّد أن مجتمعنا يعاني مع الأسف حالة مرضية اجتماعية لابدّ أن تعالج قبل استفحالها و أسباب ذلك عديدة منها:
تراجع دور الوالدين في تأطير أبنائهم بل و استقالتهم من هذه المهمة
انتشار المخدرات و حبوب الهلوسة بشكل لافت
الضغوط النفسية و المادية التي يعيشها التونسي و التي تترجم في سلوكه العدواني تجاه الجميع بما فيهم أقرب الناس إليه.
وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي تروّج للعنف وتزينّه .
العقوبات ليس في حجم الجرائم في تونس.
الفقر و التهميش و التفاوت بين الجهات
الانقطاع المبكر عن الدراسة و البطالة.
إن العنف في تونس أصبح خطرا حقيقيا لم يعد تجاهله فالشوارع لم تعد آمنة و امتدّ هذا الخوف إلى العائلات التي تحولت المنازل لديها إلى فضاءات يمارس فيها العنف و المسألة لايمكن أن تعالج أمنيا فقط بل هي ظاهرة يتداخل فيها الأمني مع الاجتماعي مع الاقتصادي مع السياسي و بالتالي لابد من مشروع وطني لمناهضة العنف و القضاء على جذوره و البداية باستعادة الأسرة و المدرسة لدورهما الطبيعي في التربية .
ظاهرة أخرى غير مقبولة و لا أخلاقية خاصة حينما تصدر من وسائل إعلام وهي تداول نشر صور الضحايا و المجرمين فهذا الفعل من شأنه المساهمة في انتشار الجريمة أكثر فأكثر وبث الرعب في نفوس المواطنين و الناشئة خاصة .
هذا فضلا على عدم قانونية هذا النشر و الذي يمكن أن تطال التتبعات فيه حتى الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
التعليقات
علِّق