اتحاد الشغل .. واللعبة القذرة

اتحاد الشغل .. واللعبة القذرة

 

بقلم :  صباح توجاني
 
بات من الواضح ان اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار الوطني المعطل منذ قرابة الشهر، اختار انتهاج سياسة لي الذراع مع حكومة الترويكا في مسعى اخير لدفعها او بالأحرى ارغامها على الرحيل عبر تحريك الشارع في كل من ولايات سليانة وقفصة والقصرين، وما شهدته هذه الجهات من احتجاجات خلفت اعمال عنف وتخريب الى جانب حرق مقر حركة النهضة بالكامل في قفصة.
ولئن اقر اتحاد الشغل عبر تمثيلياته الجهوية انه من دعا الى شن الإضرابات العامة التي شلت مدنا بالشمال والجنوب، الا ان قياداته نفت ان تكون وراء اعمال الفوضى التي عمت المناطق المذكورة. الا ان التاريخ الأسود للتحركات الشعبية السلمية في بدايتها، والدامية في نهايتها، تظل دليلا قاطعا على ان كل من يدعو الى الإحتجاج الشعبي، عليه ان يضع في اعتباره ان الأمور قد تتغير فجأة لتأخذ منحى عنيفا، لا تقدر قوات الأمن ولا الجيش على ايقافه او التصدي اليه الا عبر استعمال القوة ايضا.
فاتحاد الشغل الذي انهمكت قيادته في القيام بمجهودات جبارة من اجل انجاح الحوار الوطني من خلال السعي الى تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء السياسيين، ظل يلوح بتهديدات خالها التونسيون مجرد انذار لدفع الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار وعلى راسها التروكا الحاكمة الى مزيد التنازل بما من شانه ان ييسر تعبيد الطريق في اتجاه تطبيق مبادرة الإتحاد وسلالتها خارطة الطريق المستمدة اساسا من طلبات المعارضة.
واليوم وقد مرت اكبر منظمة شغيلة الى مرحلة تنفيذ وعيدها، يتساءل التونسيون عن جدوى مواصلة قيادته التشاور مع مختلف مكونات المشهد السياسي المحلي، خاصة وان دور الإتحاد اصبح واضحا للعيان. فمن مجرد وسيط محايد بين طرفي النزاع، تحول الإتحاد الى جبهة معارضة للحكومة القائمة وبالتالي الى فاعل سياسي لا تسمح به وظيفته التي انبنى عليها ولا دوره الإجتماعي الذي جعل منه منظمة عتيدة وصوتا للشغالين.
وحري باتحاد الشغل ومن وراءه المنظمات الراعية معه للحوار الوطني ،اليوم، الإعلان رسميا عن وفاة الحوار بالسكتة القلبية جراء ما لحق الجهات المنتفضة امس من خراب ودمار، لم يكن ليصيبها لو لا دعوته الى الإحتجاج على خلفية مطالب تنموية،وان كانت معقولة. وستسجل بلادنا التي تئن اصلا المزيد من الخسائر الإقتصادية التي ستثقل كاهل الأجيال القادمة.
فخيار تحريك الشارع وشن اضرابات في قطاعات حيوية على غرار الصحة والمالية ثم في مرحلة قادمة النقل العمومي البري والبحري والجوي، لا يليق بالمنظمة العتيدة التي يزخر تاريخها بنضالات مشرفة لرجال امنوا بالمصلحة الوطنية في سنوات الجمر، انبرى اليوم بعض القياديين النقابيين يتلاعبون بها غير عابئين بأوجاع وطن تضاعفت الامه وانكسرت فرحة الحياة داخله. 
رجاء، ضعوا مصلحة الشعب فوق مصالحكم الضيقة، والا فان اقسى السيناريوهات في انتظارنا ، ومتى حل الطوفان سيجرفنا جميعا بلا استثناء.

التعليقات

علِّق