الانقلاب الرائع....

الانقلاب الرائع....

بقلم نوفل بن عيسى

"الفشل الرائع" هو عنوان كتاب لمصطفى العلوي خصصه لنقد ثلاثية هشام جعيط "في السيرة النبوية".

وإذ يقرأ الكتاب من عنوانه فأنه جلي أن مصطفى العلوى يعتبر أثر جعيط المذكور فشلا مع انه يعتبره رائعا وذلك بمعنى انه "يثير الاعجاب ويشد الانتباه".
وهذا التناقض في نقد ذات الشيء أو الأثر أو الحدث والحكم له أو عليه كثيرا ما يتكرر في تونس اليوم بعد ما اقدم عليه قيس سعيد ذات 25 جويلية 2021 ولسان حاله يكرر "لو إنتظرت لتفعل شيئاً ما حتى تتأكّد أنّه الصواب ، فغالباً ما ستقضى حياتك دون أن تفعل شيئا".

وفي حين صفقت له شريحة كبيرة من الشعب التونسي وباركت واستبشرت لنجاحه في تحقيق هذا الانقلاب الرائع فان شرائح أخرى تفرقت بين المندد والمحترز والمتسائل.

وبقطع النظر عن الأحكام والمواقف والتحاليل والتفاسير فإن ما حدث هو انه إنقلاب على منظومة حكم لم توفق في تحقيق أهداف الثورة من ناحية وفاشلة بكل معاني الكلمة في تسيير شؤون البلاد من ناحية أخرى وهذا رأي لا يختلف فيه عاقلان خاصة وان العشرية الاخيرة التى شهدت حكومات متعاقبة ومختلفة وتوافقات وتحالفات عدة أدت بالبلاد الى حالة متأزمة ومتردية من جميع ما.

والمباركون لقيس سعيد الذين استبشروا بما حققه ليسوا من مسانديه بالضرورة اذ أن نسبة غير قليلة منهم فرحوا بإزاحته النهضة من الحكم وهو ما لم يقدروا على تحقيقه إذ أنهم بدورهم فاشلون وليسوا أفضل ممن يعارضون وهم الآن يطالبونه بمحاكمة الحركة وقادتها ومن لف لفها أي أن يحقق لهم الرئيس أمانيهم التي استعصت عليهم وهكذا ركبوا على الحدث وصاروا يدافعون على قيس سعيد الذين كانوا بالأمس يشتمون وبه يستهزئون.
وأما النهضة فقد اكتفت بالاعتراف بالهزيمة بعد بعض التململ والانصراف الى ترتيب البيت المهترئ بفعل سنوات الحكم والتمركز في السلطة.
وأما المعارضون لسعيد و"لفعلته" فقد ظهر لهم زعيم وهو الأستاذ الأجل الباحث الاكاديمي الفاضل عياض ابن العلامة الفاضل الفاضل ابن عاشور رحمه الله إذ ملأ الدنيا خطبا ومحاضرات ومقالات وتصريحات ليندد بالانقلاب العسكري الذي اقدم عليه قيس سعيد المساعد الجامعي لاغير وهكذا كلف السيد عياض نفسه أن يكون مدافعا على علوية القانون وحرمة الدستور وهيبة الدولة وكأنه كان في غيبوبة استفاق منها فجأة ذات 25 جويلية 2021!

وفي حين هم يتجادلون فيما هم عنه متنازعون مازال الجمع والشعب في حالة انتظار ما سيؤول إليه المآل وكأن كل ما تغير في الأمر هو المرور من حالة الانتقال الديمقراطي الى حالة الانتقال الدستوري وكأن قدر هذا الوطن ألا يستقر على حال!

والان وبعد الاقرار بالانقلاب الرائع الذي بفضله تغييرت الامور عما كانت عليه ووقعت الفأس في الرأس وحصل ما في الصدور فإلى أين المسير وإلى أين المصير وإلى أين نحن ماضون؟
هل من مجيب سيدي الرئيس؟

التعليقات

علِّق