بين الأحد والاثنين : الخطوط التونسية تتسبب في كوارث في تونس وروما وفرنسا بسبب التهاون والفوضى

بالرغم من كلّ ما يقوله مسؤولو الخطوط التونسية عن " برامج الإصلاح " وإعادة الهيكلة في هذه المؤسسة الوطنية فإنه يبدو أن شيئا لم يتغيّر وربما لن يحدث أي شيء من هذا التغيير على المدى المنظور. ولعلّ هاتين الحادثتين الجديدتين خير دليل على أن تسيير الشركة ما زال يتم بطريقة رعوانية لا أثر فيها للتطوّر ولا هم يحزنون .
ففي تدوينة له على " فايسبوك " عبّر إلياس الصالحي الرئيس المدير العام لمجمع " قلوبال " عن استيائه الشديد بسبب إلغاء رحلة كانت مبرمجة يوم الاثنين 3 جويلية على الساعة منتصف النهار و 45 دقيقة من مطار روما إلى مطار تونس قرطاج دون أن تكلّف الخطوط التونسية نفسها حتى القيام بإعلام المسافرين الذين وجدوا أنفسهم عالقين بمطار روما مع قرار غريب آخر وهو إلحاق من كانوا سيسافرون في هذه الرحلة برحلة الساعة الخامسة و 15 دقيقة ليعودوا إلى تونس .
ويعني هذا ببساطة أن الرحلة الأولى الأصلية التي كانت مبرمجة على الساعة التاسعة و 20 دقيقة صباحا من تونس إلى روما على أن تعود نفس الطائرة على الساعة منتصف النهار و 45 دقيقة ألغيت هكذا بكل سهولة وتم تأجيلها إلى المساء أما صدمة المسافرين وحيرتهم خاصة أنه لم يكن هناك أي مسؤول من الخطوط التونسية ليردّ على استفساراتهم ويقنعهم بهذه العبقرية الكبيرة التي تقف وراء القرارين .
ومن جملة هؤلاء المسافرين هناك شخص من المستحيل أن ينسى ما حدث له في ذلك اليوم . فقد كان من المفروض على هذا التونسي أن يعود إلى بلده ليحضر جنازة والده مساء أمس الاثنين . وكان هذا التونسي قد سافر بالطائرة من مدينة " بولونيا " الإيطالية على أن يقضي فترة استراحة في مطار روما قبل أن يواصل الرحلة إلى تونس ويتمكّن من حضور جنازة والده في الوقت المناسب . إلا أن رياح الخطوط التونسية جرت بما لا يشتهي هذا المواطن الذي بذل المستحيل كي لا تفوته تلك الرحلة ( 12.45 ) لكن دون جدوى .
وحسب بعض الشهود لمطار روما فقد جنّ جنون هذا المواطن الذي أدرك في النهاية أن " الغزالة التونسية " لم تراع ظروفه ولن تمكنه من حضور الجنازة إلا إذا طريقة أخرى للوصول إلى تونس عبر سفرة أخرى إلى وجهة أخرى أو مع شركة طيران أخرى .
وبسبب هذه الفوضى واللامبالاة من قبل الخطوط التونسية وجد مسافرون إيطاليون أنفسهم في وضعيات لا يحسدون عليها . فقد كانت جربة وجهتهم . وكان من المفروض أن يسافروا إليها عن طريق الخطوط التونسية السريعة في الرحلة التي تنطلق على الساعة الثالثة و 30 دقيقة إلا أن أحلامهم تبعثرت إثر إلغاء الرحلة دون أي سبب مقنع على الأقل .
ولمعرفة أسباب ما حصل اتصل زملاؤنا في " Espace Manager " بالاتصال بإدارة الاتصال بالخطوط التونسية فأفادهم مصدرهم بأن ما حصل " يعود إلى حادث طارئ يمكن أن يحصل في أي وقت ويتطلّب تأجيل أو حتى إلغاء بعض الرحلات " .
ودعا المصدر وسائل الإعلام إلى الانتباه وإلى مساندة مجهودات الناقلة الوطنية من أجل الاستجابة إلى الطلبات المتزايدة من قبل الحرفاء في هذه الفترة الصيفية . إلا أن إدارة الإعلام في الخطوط التونسية لم تعترف على الأقل بالمسؤولية في ما حدث وبأن الشركة غير قادرة على استباق الأحداث والاحتياط لها وبالتالي تجنيب مسافريها هذه المهازل التي كثرت للأسف الشديد لدى الشركة خلال السنوات السبع الأخيرة بالخصوص .
وبالإضافة إلى هذه التأخيرات والاضطرابات في مواعيد السفرات يجب الإعتراف بأن الخدمات التي تقدمها الخطوط التونسية باتت منذ مدة من سيّئ إلى أسوأ لأن الحديث أصبح منذ مدة يدور عن تأخيرات تدوم ساعات وساعات وعن بضائع تصل متأخّرة أو بعضها لا يصل أبدا هذا إذا لطف بها الله ولم " تزرها " بعض الأيادي " الخفيفة " وعن مصلحة حرفاء لا تخدم ولا تهتم بالحرفاء وعن مسافرين يتمّ تركهم في مواجهة مواقف صعبة وحرجة دون أن يجدوا أي شخص من الشركة ليساعد أو يشرح أو يقدّم لهم أبسط الأشياء . وهذا ليس سوى جزء بسيط من الحياة اليومية لناقلتنا الوطنية ..
وهذه كارثة أخرى من فرنسا ؟؟؟
لم نكد نتنفّس حتّى جاءنا خبر آخر من فرنسا يؤكّد أن ما قلناه سابقا لا يساوي شيئا أمام المرض المزمن الذي أصاب هذه الشركة في مفاصلها . فقد كان من المبرمج أن تنطلق رحلة للخطوط التونسية من مطار " رواسي شارل ديغول " الفرنسي نحو جزيرة جربة على الساعة السابعة و25 دقيقة من مساء يوم الأحد الماضي وكان عدد المسافرين لا يقلّ عن 130 مسافرا . وإلى حدود مساء أمس الاثنين كتبت وسائل إعلام عديدة ومنها " France bleu " مؤكدة أن هؤلاء المسافرين ما زالوا عالقين بالمطار بسبب " عطب فنّي " حسب ما ذكرته مصادر هذه الصحيفة الإلكترونية . وصرّحت إحدى المسافرات وتدعى " كارين هاهن" قائلة : " ما زلنا لا نعرف شيئا عمّا حدث وعمّا سيحدث ... لقد طلبوا منّا أن نذهب للقيام بقيلولة "...
وحسب مصادر الصحيفة فإن الخطوط التونسية ما زالت ( إلى حدود ليلة البارحة ) تحاول إصلاح العطب من أجل الإقلاع في الساعات الموالية دون أن ترد معلومات أخرى .
وفي الأثناء تم إيواء المسافرين بنزل قريب من المطار وصلوا إليه حوالي الساعة الواحدة والنصف ليلا . وقال العديد من المسافرين ( وأغلبهم عائلات ) : لقد قيل لنا كلام كثير... مرة يقولون لنا إن الطائرة ستقلع على الساعة 15.00 ومرة على الساعة 16.00 ومرّة أخرى على الساعة 17.00 ... لكن إلى حدّ الساعة ليس لنا أي شيء .
أما " أجمل " ما في المقال فهو خاتمته التي قال فيها كاتبها : " من جهتها يبقى الاتصال بشركة الخطوط التونسية غير ممكن " (De son côté, la compagnie Tunisair reste injoignable ) .
وقبل العودة إلى المزيد من تفاصيل ما يحدث في الخطوط التونسية نعتقد أنه حان الوقت للقيام بعملية إنقاذ لا بدّ منها إذا أردنا لهذه المؤسسة أن تواصل الحياة وأن لا تندثر في القريب العاجل أو ألّا يتحقق ربما المخطط الرامي إلى خوصصتها لفائدة بعض الأطراف .
وفي كافة الأحوال هناك تساؤلات عديدة لم يعد منها مفرّ ومنها : لماذا لا تكاد تحدث هذه الكوارث إلا عندنا وتحديدا في الخطوط التونسية ؟. لماذا لم يحصل ما يحصل في شركات طيران تونسية أخرى ( حتى لا يقال لنا إنها لا يمكن مقارنة ما لا يقارن ) على غرار " نوفال آر " أو : سيفاكس آرلاينس " على سبيل المثال؟.
وفي كافة الأحوال أيضا نقول إن الوضع في هذه المؤسسة لم يعد يحتمل ولا يبشّر بخير. وحتى لا ندخل في التفاصيل التي وعدنا بها في مرة قادمة نقول فقط إن " الخطوط الملكية المغربية " على سبيل المثال يعمل بها حوالي 3500 شخص فقط مقارنة بالخطوط التونسية التي يعمل بها ما لا يقلّ عن 8000 شخص . ورغم هذا الفارق الذي يقارب نصف العدد تعمل المغربية على أكثر من 90 وجهة في العالم وتحقق أرباحا معتبرة وتتمتّع منذ سنوات بسمعة من أحسن ما يكون .... وهذه " الحكاية " هي طبعا واحدا من الأسباب العديدة التي قد " تبرّك " هذه المؤسسة الوطنية لا قدّر الله علما بأن الصورة الثانية المرافقة لهذا المقال نشرتها الصحيفة الفرنسية المذكورة .
جمال المالكي .
التعليقات
علِّق