وداعا الحبيب الجواشي.. . نهاية رجل شجاع .. لم يجن من الكرة إلا بطاقة " معاق "

بقلم : شكري الشيحي
كانت الساعة تشير الى السادسة إلا ربع مساء يوم أمس حين هاتفني الصديق علي عياد من قابس ليخاطبني بنبرة حزينة ويخبرني عن تعرض الحارس الدولي السابق الحبيب الجواشي الى جلطة قلبية استوجبت نقله الى المستشفى.. ثم قال لي انه سيتحول الى هناك لموافاتي بآخر الأخبار المرفوقة بالدعوات لشفائه، لكنه عاد بعد لحظات ليصعقني بالخبر المشؤوم .. رحل الحبيب الجواشي ورحلت معه تلك الكلمات الجميلة التي كان يرددها لي عبر الهاتف " ربّي كريم وما يضيّعنيش " ..
كان الجواشي من طينة الحراس الكبار والأفذاذ الذين حرسوا أخشاب عديد الجمعيات رغم أنه لم يحظ ببرستيج هالة الاعلام... من مارث الى الاصناف الشابة للنادي الافريقي- كما تظهره الصورة اسفل المقال - مرورا بجمعية جربة ثم النجم الساحلي والنادي الصفاقسي والملعب القابسي ونادي حمام الانف الى جانب المنتخب الوطني .
ورغم أن " جيله " وفترة بروزه تزامنا مع ظهور حراس عمالقة على غرار الواعر وبومنيجل والزوابي والبجاوي وعزيّز والخلوفي وبن ثابت وغيرهم.. الا أنه جلب الانظار وساهم ايضا في خلق منافسة كبيرة في المنتخب الوطني..
سكت قلب صاحب " صبر ايوب " بعد سنوات من المرض والمعاناة والضيم والتهميش والجحود والنكران ممّن كانوا في الماضي القريب يتودّدون اليه ويحلمون بالتقاط صورة معه، لكن صورته ستبقى شامخة في مخيلتنا بمثل شموخ نخل مارث ..
نزل حكم قاضي السماء وقدره، وسيلتزم الجميع بذلك، غير ان معاناة الجواشي وسنوات الجمر التي قضاها ستبقى وصمة عار لمن تجاهلوا التماسات ودموع سكبها الحبيب مدرارا في العامين الفارطين حين اضطرّ لترك أنفته وعزّة نفسه جانبا بظهور متكرّر في وسائل الاعلام حين خيّل له أن رفاق الأمس سيخجلون من أنانيتهم والنكران الذي ميّز تعاملهم معه..ولكن هيهات فرغم كلّ ما قدّمه بأزياء عدة فرق وتسبب له في متاعب صحيّة جمّة انعكست على وضعه الاجتماعي، رغم كلّ ذلك فان السواد الأعظم تنكّر له ولم يتذكّره الا النزر القليل من الرفاق.
الجواشي بدأ لاعبا..ولكنه لم يجن من مسيرته سوى بطاقة معوق منحته جراية رمزية كعامل بالحضيرة في مارث قبل أن تصعد الروح الى بارئها..
الجواشي سيكون اسما خالدا وملتصقا بوصمة عار تجاه كل مكونات المشهد الرياضي من وزارة وجامعة ونواد ولاعبين من رفاق الأمس وودادية قدماء..فلجميعهم قسط من مسؤولية تقصير تجاه واجب أخلاقي رغم بعض التحركات الجارية حاليا في الوقت الضائع..
وداعا حبيب الجواشي، ولكنك ستظلّ محفورا في ذاكرتنا ومخيالنا الشعبي..فمن كانت قصّة مسيرته بمثل نبلك وشهامتك لا يمكن أن ينسى...
التعليقات
علِّق