من يحاول زرع " بذور " الجهويات في تونس باستغلال الكوارث والمآسي ؟

جميعنا يعلم أن القبلية قد أزيلت من عقلية التونسي منذ أن ارسي الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الدولة الوطنية دولة المؤسسات والقانون التي قضت على مفهوم العروشية وعاش المجتمع التونسي حالة من التجانس الفريد وصلت إلى حد المصاهرة بين عائلات مختلف المناطق . وجميعنا يعلم ان الفوارق الطبقية والجهوية ليست حكرا على تونس بل في جميع انحاء العالم يوجد تباينا في المستوى المعيشي بين الجهات رغم انه ليس مبررا لحرمان عديد المناطق في تونس من المرافق الضرورية وخاصة في قطاعات الصحة والتعليم والطرقات .
ورغم بعض " الألام " ظلّت تونس بمنآى عن نيران الفتنة الجهوية منذ عقود وهو ما " حصّنها " من عديد الفتن الداخلية والخارجية نظرا لوحدة شعبها ورفضه لاي منطق جهوي .
لكن يبدو ان بعض الاطراف بدأت توقد " نيران " الجهوية في تونس خاصة بعد أنتشار عشرات " التدوينات " الفايسبوكية على شبكات التواصل الاجتماعي تقطر أغلبها كرها وحقدا وتدعو في باطنها الى التمرد بتعلة ان المنطقة تلك افضل من منطقتهم والمنطقة الاخرى " سرقت " ثروات الولاية الاخرى ،مستغلين حالة الضيم لدى اهالي ضحايا حادثة الشاحنة بالقصرين لتحريضهم على العنف والتمرد ثم الانتقال الى بعض الولايات الاخرى لاشاعة الفوضى والخراب في هذا الوطن . صحيح ان عديد المناطق في تونس تعاني الفقر والحرمان والتهميش ، لكنهم لم يكونوا في يوم من الايام بعيدين عن قلوب التونسيين الذين يقاسمونهم هموهم ومأسيهم وليس أدل على ذلك من الحركات النبيلة التي شاهدناها منذ الامس حيث اعلنت عديد الجمعيات وعشرت المواطنين من تونس وسوسة وغيرهما عن استعدادهم لتوفير السكن المجاني لعائلات المصابين في حادثة الشاحنة بالقصرين مع تخصيص النقل المجاني لهم الى المستشفيات لزيارة اقاربهم .
فمن يحاول تأجيج الفتنة الجهوية في تونس ربما يريد تحويلها وتقسيمها مثل العراق الذي نفخوا فيه كل نيران الفتن القومية والمذهبية والجهوية وإذا بالنار تلف العراق كله من شماله إلى جنوبه،.. شتتوه عربا وكردا، ثم شتتوا العرب سنة وشيعة، وداخل السنة شتتوه تطرفا وصحوات وسوى ذلك، وداخل الشيعة شتتوه بين مجموعات الثأر والانتقام وسوى ذلك.. ومن حين إلى آخر كان ضمير العراق يهتف بصوت الشعب: "احنا إخوان سنة وشيعة.. والوطن والله ما نبيعه" فيما كان المجرمون يزيدون نيران الفتنة اشتعالا."
التعليقات
علِّق