الحبيب الصيد : " التحوير الوزاري لم يخضع لمنطق الترضيات والحسابات السياسية "

الحبيب الصيد : " التحوير الوزاري لم يخضع لمنطق الترضيات والحسابات السياسية "

 


يتم حاليا عقد جلسة عامة مفتوحة بمجلس نواب الشعب للمصادقة على منح الثقة للحكومة الجديدة التي أعلن عنها رئيس الحكومة الحبيب الصيد يوم الاربعاء الماضي .
وخلال مداخلته اكد الحبيب الصيدان أنّ التحوير الوزاري أخذ بعين الاعتبار كفاءة التونسيين.
واضاف الصيد انه لم يخضع لمنطق الترضيات والحسابات السياسية و إنّما تمّت مراعاة الضمير و مصلحة البلاد.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الحكومة الحبيب الصيد :
سم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسّلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يشرّفني أن ألتقي بكم في هذه الجلسة المخصصة للتصويت على منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد بعد التحوير الذي تم في إطار ممارسة الاختصاصات التي منحها الدستور ولا سيما الفصل 92 منه لرئيس الحكومة.
وإذ أجدّد شكري وتقديري لأعضاء الحكومة المغادرين وأشيد بما بذلوه من جهود طيلة اضطلاعهم بمهامهم في ظرف دقيق فإنّ هذا التحوير أملته متطلبات إضفاء المزيد من النجاعة على عمل الحكومة وتكريس التوجهات التي سبق لي أن أبرزتها أمام مجلسكم الموقّر بمناسبة عرض ومناقشة ميزانية الدولة لسنة 2016.
وقد أقدمنا على هذا التحوير بعد تقييم معمّق للأداء الحكومي وتشخيص النقائص التي لا يخلو منها أيّ عمل بشري وبلورة السّبل الكفيلة بالاستجابة لمقتضيات هذه المرحلة المفصلية في مسار الجمهورية الثانية والتفاعل المستمر مع انتظارات المجموعة الوطنية وتطلّعاتها.
وكنت لخصت التوجهات المرسومة في جملة من العناصر الأساسية المتمثلة بالخصوص في إعادة هيكلة عدد من الوزارات وتعزيز شروط كسب الحرب على الإرهاب وتوطيد دعائم التنمية المحلية والجهوية وترسيخ مقومات الحوكمة الرشيدة ودعم منظومة حقوق الإنسان في إطار مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني إلى جانب إحكام تعبئة الموارد الطبيعية وخاصة منها الموارد الطاقية وترشيد استغلالها.
وبالتوازي نحرص على استحثاث نسق الإصلاحات العميقة التي ستكون العنوان الأبرز لسنة 2016.
ويأتي حذف خطة كاتب دولة ضمن تركيبة الحكومة في إطار إكساب الأداء الحكومي فاعلية أكبر على أن يتمّ إحداث هياكل كلما اقتضت الحاجة لإحكام تجسيم السياسات والبرامج في عدد من القطاعات الحيوية.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
إن الظّرف دقيق والتحديات جسام والمخاطر جمة ولا خيار لنا سوى استنهاض الهمم وتعبئة الطاقات والعمل دون فتور أو كلل من أجل تحصين المسار الديمقراطي والتّصدي للمحاولات المعلنة والخفية لإفشال هذه التجربة المتفرّدة في محيط مضطرب ووضع إقليمي مهتزّ والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتأمين مناعة تونس وسيادتها وحرية قرارها.
وقد آلينا على أنفسنا منذ تحملنا الأمانة أن نبذل قصارى الجهد من أجل تجسيم أهداف ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي واضعين نصب أعيننا الوفاء للشهداء والولاء للوطن والتفاني في خدمة شعبنا، مستمدّين ثقتنا في المستقبل من ثقتنا بالله وبالتونسيات والتونسيين، ومعوّلين على تضافر جهود الجميع من نخب وأحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات وكفاءات وطنية.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
مثلما سبق لي الإشارة إليه في عديد المناسبات أمام مجلسكم الموقّر ، فإنه لا تنمية ولا تقدم بدون أمن وطمأنينة واستقرار.
وعلى هذا الأساس يتعيّن تسخير كل ما لدينا من إمكانيات وطاقات لكسب الحرب على الإرهاب باعتبار ذلك شرطا أساسيا لضمان أمن المواطنين والوطن والحفاظ على الأرواح والمكاسب وحماية وجود الدولة واستمراريتها ومقومات النظام الجمهوري وصيانة الحريات العامة والفردية ونمطنا المجتمعي.
من هذا المنطلق تتأكّد أهمية التعبئة الشاملة واليقظة الدائمة والجاهزية التامة وتأمين شروط القضاء على آفة الإرهاب واقتلاعها من جذورها.
ويندرج في هذا السياق إعادة هيكلة وزارة الداخلية بالفصل بين الشؤون الأمنية والشؤون المحلية بما يتيح تفرغ وزارة الداخلية في هيكلتها الجديدة للمساهمة الفاعلة في خوض الحرب على الإرهاب وتدعيم مقوّمات أمن المواطنين وسلامتهم وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
كما ستُعنى هذه الوزارة بترسيخ مقومات الأمن الجمهوري الذي يدين بالولاء للوطن دون سواه ويقف على نفس المسافة من كافة الأطراف ويكرّس مبادئ الدستور وخاصة مقتضيات الفصل السابع عشر المحدد لمهامه ولاسيما حفظ الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التام.
ويأتي إحداث وزارة الشؤون المحلية في إطار الحرص الدؤوب على المساهمة الفاعلة في تكريس مبادئ وأحكام الباب السابع من الدستور وخاصة منها تجسيد اللامركزية في جماعات محلية تتكون من بلديات وجهات وأقاليم تغطي كامل تراب الجمهورية.
كما سترتكز جهود هذه الوزارة على تصور واستنباط واقتراح التدابير والإجراءات والآليات الكفيلة بدفع التنمية المحلية بمختلف مكوناتها وأبعادها ومتابعة إنجاز الخطط والمشاريع ذات الصلة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
مثلما سبق لي تأكيده يوم 5 فيفري 2015 أمام مجلسكم الموقر فإن من متطلبات تجسيم الإصلاحات وكسب الرهانات في سائر المجالات وجود إدارة عصرية مواكبة للتحولات قادرة على الإستشراف، تعتمد أحدث أساليب التنظيم بمنأى عن كل أشكال الرّتابة والبيروقراطية إلى جانب تنمية مؤهلات الأعوان العموميين وتعهّدهم بالرسكلة والتأهيل.
كما أنه من أوكد الاستحقاقات المطروحة تكريس مقومات الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وسوء التصرف والتجاوزات وتفعيل آليات المساءلة والرقابة.
ويندرج في هذا السياق إحداث وزارة للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد بما يهيـئ الأرضية لتطوير التشريعات والتراتيب والآليات الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة وتدعيم الحوكمة الرشيدة والشفافية وتعزيز دعائم حياد الإدارة والنأي بها عن كل أشكال التوظيف السياسي والحزبي.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يتطلب استحثاث نسق التنمية الاقتصادية والاجتماعية إحكام تعبئة وتوظيف كافة الموارد الطبيعية المتاحة وترشيد استغلالها وتطويرها.
ويتنزل في هذا الإطار إحداث وزارة للطاقة والمناجم بما يعزز شروط تجسيم هذه الأهداف وإحكام تجسيم الخطة المرسومة للغرض وخاصة دعم البحث والاستكشاف والاستثمار في مجال الطاقة وتنويع مصادرها ودعم إنتاج الطاقات الجديدة والمتجددة وتكثيف الكشوفات الطاقية إلى جانب تطوير الشبكة الوطنية لنقل وتوزيع الكهرباء.
كما سترتكز الجهود على دعم برامج التحكم في الطاقة في قطاعات الصناعة والنقل والسياحة وغيرها بالتوازي مع ضمان الشفافية والنجاعة في إدارة قطاع الطاقة.
ومن أبرز الأهداف المرسومة للمرحلة القادمة الرفع من حصة الطاقات المتجددة من 3% إلى حدود 12% في غضون سنة 2020 والتخفيض في نسبة الكثافة الطاقية بـ 3% سنويا.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
يظل التونسيون في الخارج جزءا لا يتجزّأ من الشعب التونسي حيثما استقر بهم المقام. وهم جديرون بكامل الاهتمام والرعاية للدفاع عن حقوقهم في بلدان الإقامة وتدعيم صلتهم بالوطن والاستفادة من خبراتهم وتعزيز إسهامهم في المجهود التنموي.
ويندرج في هذا الإطار مشروع القانون المتعلق بإحداث مجلس وطني للتونسيين بالخارج الذي أحيل على مجلسكم الموقّر.
وبموجب هذا المشروع يتمتّع المجلس بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية.
وتتمثل مهامه بالخصوص في إبداء الرأي في السياسة الوطنية في مجال العناية بالتونسيين المقيمين بالخارج واقتراح التدابير التشريعية والترتيبية والآليات الكفيلة بتعزيز مساهمة التونسيين المقيمين بالخارج في التنمية الوطنية.
وسيضم المجلس ممثلين عن مجلس نواب الشعب وعن دوائر التونسيين بالخارج والجمعيات ذات العلاقة والمنظمات الوطنية وكفاءات تونسية بالخارج.
كما سيتمّ إحداث خطة مستشار لدى رئيس الحكومة مكلّف بالتونسيين بالخارج.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
بقدر الحرص على تطوير العمل الحكومي وتحسين أدائه والارتقاء بنجاعته والمعالجة السريعة للأوضاع المستعجلة والتصدي الفاعل للإشكاليات الملحة القائمة فإننا نعمل جاهدين على إعداد العدة لمجابهة متطلبات المستقبل في إطار رؤية واضحة المعالم والأهداف.
وتمثل سنة 2016 سنة محورية باعتبارها سنة الانطلاق في تنفيذ المخطط التنموي الخماسي الأول للجمهورية الثانية والذي حدّدت وثيقته التوجيهية ملامحه وأهدافه الكبرى في مختلف المجالات.
وتنطلق الوثيقة التوجهية للمخطط من تشخيص الواقع التنموي بمختلف مكوناته وتحدّد معالم المشروع المجتمعي ومنوال التنمية البديل .
ويرتكز المنوال التنموي على هيكلة متطورة للإقتصاد عبر تحقيق نمو إدماجي يراعي قواعد العدالة الإجتماعية في توزيع الثروات ويعتمد خطة مستحدثة في مجالات التنمية الجهوية والتنمية المستدامة والتشغيل.
كما يحدد دور مختلف المتدخلين من دولة وقطاع خاص ويولي أهمية بارزة للقطاع الثالث كشريك فاعل ودعامة لدفع الإقتصاد الإجتماعي والتضامني والإسهام في خلق الثروة وتوفير مواطن الشغل وتحسين ظروف العيش.
وتضبط الوثيقة التوجهية محاور التنمية للفترة القادمة وهي الحوكمة الرشيدة والتحول من اقتصاد ضعيف الكلفة إلى اقتصاد دولي محوري، والتنمية البشرية وإصلاح منظومة الحماية الإجتماعية وتجسيم طموح الجهات، واعتماد الإقتصاد الأخضر كضامن للتنمية المستدامة.
كما ستشمل الإصلاحات تطوير تمويل الإقتصاد وتعزيز التوازنات المالية وتدعيم الإطار المؤسساتي والترتيبي.
وإذ يضيق المجال لاستعراض تفاصيل التوجهات والإصلاحات المرسومة للفترة المقبلة فستكون لنا مناسبات قادمة لعرضها على مجلسكم الموقر.
وقد بلغ إعداد المخطط القادم مرحلته الثالثة المتمثلة في ضبط الإستراتيجية التنموية وقائمة المشاريع والتحكيم وصياغة الوثيقة النهائية وذلك بعد استكمال مراحل التشخيص وإعداد المخطط على المستويين الجهوي والقطاعي.
وسيتم عرض محتوى المخطط على مجلس نواب الشعب في نهاية الثلاثية الأولى من السنة الجارية على أن يتوّج هذا المسار  بتنظيم ندوة دولية للتعريف بعدد من المشاريع الكبرى وتعبئة الموارد المالية اللازمة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
إن الإجراءات مهما كانت أهميتها والإصلاحات مهما كانت قيمتها لا معنى لها ولا جدوى منها إذا لم تقترن بإعادة الاعتبار لقيم العمل والبذل والانصراف إلى الإنتاج وتحسين الإنتاجية.
وإنّ من مسؤولية كافة الأطراف الوطنية والقوى الحية الإسهام الفاعل في ترسيخ ثقافة العمل والحسّ المدني والقطع مع عقلية التقاعس وابتزاز الدولة.
كما أنه من واجب الجميع في هذه المرحلة الحساسة توفير الظروف الملائمة لقيام مؤسسات الدولة بوظائفها على الوجه الأكمل وتفادي كل ما من شأنه عرقلة الإنتاج وتعطيل سير المرافق العامة.
وبقدر حرصنا على ترسيخ هيبة الدولة ومؤسّسات الجمهورية وتطبيق القانون في دولة،  السيادة فيها للشعب والحكم للمؤسسات والعلوية للدستور،  فإننا حريصون على حماية الحريات العامة والفردية وضمان كافة الحقوق التي يكفلها الدستور الذي يبقى مرجعنا الأسمى.
ولن ندّخر جهدا حتى نكون في مستوى الأمانة وحتى نعيد للتونسيين والتونسيات الأمل والثقة في الحاضر والمستقبل.
وليكن واضحا للجميع أن هذه الحكومة هي حكومة كافة التونسيين والتونسيات وهي في خدمتهم جميعا دون مفاضلة أو تمييز.
كما أنّنا لم نخضع في إجراء التحوير على تركيبة الحكومة لمنطق الترضيات والحسابات السياسوية بل راعينا ترضية الضمير واستقرار العمل الحكومي ونجاعته والمصلحة الوطنية التي تبقى نبراسنا ومنطلقنا ومبتغانا.
وتكريسا لهذه المبادئ وإلى جانب الحرص على تقيّد أعضاء الحكومة بأحكام الدستور والقوانين والتراتيب الجاري بها العمل فإنهم سيستندون في أداء مهامهم إلى ميثاق شرف يحدّد الثوابت والضوابط المدعوّين إلى الإلتزام بها.
قـــــــــــــــــــال تعـــــــــــــالى :
"إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبْ"
صـــدق اللـــه العظيــــم
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
واسمحوا لي أن أعرض عليكم قائمة أعضاء الحكومة الجدد :
عمر منصور وزير العدل
الهادي المجدوب وزير الداخلية
خميس الجهيناوي وزير الشؤون الخارجية
محمد خليل  وزير الشؤون الدينية
يوسف الشاهد وزير الشؤون المحلية
محمود بن رمضان  وزير الشؤون الاجتماعية
سنية مبارك    وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث
منجي مرزوق وزير الطاقة والمناجم
محسن حسن   وزير التجارة
أنيس غديرة  أنيس غديرة  وزير النقل
كمال الجندوبي    وزير العلاقة مع الهيئات     الدستورية والمجتمع المدني  وحقوق الإنسان
كمال العيادي  وزير الوظيفة العمومية  والحوكمة ومكافحة الفساد
خالد شوكات وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب وناطق رسمي باسم الحكومة

التعليقات

علِّق