غموض وشبهات بعد قرار هيئة الانتخابات إبعاد الملاحظين من الساحات

غموض وشبهات بعد قرار هيئة الانتخابات إبعاد الملاحظين من الساحات

الحصري - مقال رأي

فاجأ قرار الهيئة المستقلة للانتخابات استبعاد الملاحظين من ساحات مكاتب الاقتراع العديد من المتابعين للشأن السياسي داخل تونس وخارجها خاصة أن التبريرات التي قدّمتها لا يبدو أنها أقنعت أحدا . فقد صرح السيد شفيق صرصار موضحا قرار الهيئة فقال إن ذلك يدخل في إطار " منع أية مشاحنات محتملة  بين أنصار المترشحين " ... وبما أن حجة السيد صرصار واهية وضعيفة باعتبار أن الأنصار يمكن لهم أن " يتشاحنوا " على بعد مترين أو ثلاثة من مراكز الاقتراع  فإن الأسباب قد تكون بعيدة كل البعد عن المظاهر بما أن الهيئة فتحت على نفسها أبواب التأويلات .
عن سوء نية أم عن حسن نية ؟
سؤال فرض نفسه لكن الإجابة عنه ليست ضرورية إذ ليس المقام مقام البحث عن النوايا بقدر ما هو مقام بحث عن الخفايا .  فقد أثارت هيئة الانتخابات بهذا القرار نقاط استفهام عديدة وصل بعضها إلى حد التشكيك في أن " الهيئة تريد تغليب كفة مترشح على كفة الآخر " ... فعملية استبعاد الملاحظين من ساحات مراكز الاقتراع من شأنها أن تثير الشبهات حول إمكانية حدوث تجاوزات إذ في غياب الرقابة يمكن لأي طرف أن يستغل الظرف للتأثير المباشر على الناخبين وتوجيه أصواتهم وهذا طبعا يتنافى مع النزاهة والشفافية المطلوبتين في هذه العملية الانتخابية . وهذا الاستبعاد يعيد إلى الأذهان ممارسات قديمة كان التجمع بالخصوص يقوم بها حيث كان يلعب وحده على الميدان ويضع " الملاحظين " على المقاس ويحسب وحده ويقوم بتعداد أصوات اتضح في أكثر من مناسبة أن أصحابها موتى .
 وضوح ...وصمت مشبوه 
إن أغرب ما سبق هذا الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية أن بعض الأطراف طلبت بالتلميح أوالتصريح من حركة النهضة أن تسحب ملاحظيها من كافة مكاتب الاقتراع طالما ليس لها مرشح في هذه الانتخابات . وطبعا فإن هذا الطلب غريب وعجيب ولا يمكن أن يصدر عن أي مسؤول سياسي له الثقة في نفسه وفي أنصاره ويزعم أنه ديمقراطي ويقبل قوانين اللعبة الديمقراطية بما فيها نتائج الصناديق . .. اللهمّ إلا إذا كان هناك أمر يدبّر بليل  أو نيّة في أن يكون غياب ملاحظي النهضة فرصة لحضور " ملاحظين " من نوع خاص جدا يذكّرون بالحرس القديم المتألف من العمد ورؤساء الشعب ومخبري البوليس ... وجاء ردّ الغنوشي صاعقا  رغم هدوء صاحبه منذ 3 أيام على نسمة حيث قال إن حرص النهضة على شفافية العملية يجعلها تحرص على وجود ملاحظيها وإن النهضة مستعدة لوضع ملاحظين على ذمة السبسي ذاته طالما أنها " متهمة " بمساندة المرزوقي في الخفاء .
هذا الموقف الواضح لحركة النهضة يقابله موقف غامض بل مريب جدا من كافة الأحزاب الأخرى التي لازمت الصمت الرهيب ولم تبد حتى مجرّد " احتراز فني " على قرار الهيئة . هذه الأحزاب التي يعتبر البعض منها كبيرا في التاريخ والقاعدة الشعبية على غرار الجبهة الشعبية بما فيها من أحزاب والحزب الجمهوري وحزب التكتل ...وغيرها من " الأحزاب التقدمية " التي طالما صدّعت رؤوسنا بشعارات وتصريحات تنبذ عودة ممارسات العهود الماضية بأي شكل من الأشكال  مدعوة اليوم إلى أن تعبّر عن موقفها الواضح من قرار الهيئة وبنفس الحماس والهرولة التي أبدتهما في خصوص الإصطفاف إلى جانب هذا المترشح أو ذاك ... أما الموقف " الرمادي فلا معنى له في عام السياسة إن كانت هذه الأحزاب تمارس السياسة أصلا .
هل ستعود حليمة ؟؟؟
الآن دعونا نتساءل ونسأل كل من يهمه الأمر : لماذا هذا القرا ولماذا الآن بالذات ؟ أي جدوى من هذا القرار وهل سيمنع فعلا " المشاحنات " إذا حدثت بالفعل ؟ لماذا تفتح الهيئة على نفسها أبواب البلاء والشكوك والريبة إلى درجة أن عشرات الأطراف باتت تشك في نزاهتها وفي أنها ذاهبة إلى مساندة مترشح معين على حساب الطرف الآخر ؟. وأمام هذا الموقف المبهم الذي لا مبرر له فإن السؤال الأكثر إلحاحا الذي يعود اليوم هو : هل ستعود " عمّتنا حليمة " إلى عاداتها القديمة فنذهب إلى نقطة  سوداء في تاريخ " الانتخابات في تونس " لا نريد أن تعود مهما كان الثمن ؟؟؟. إن الهيئة مدعوّة ‘لى التراجع عن هذا القرار فورا لأن التاريخ سيسجّل كل شيء ... والتاريخ كما نعلم ...لا يرحم .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق