126 سنة من البكالوريا في تونس

126 سنة من البكالوريا في تونس

 

انطلقت اليوم الأربعاء 7 جوان اختبارات امتحان شهادة البكالوريا بمشاركة 130 ألف مترشّح و مترشحة في جميع الشعب و اذ أرجو لهم التوفيق و النجاح هذه نبذة تاريخية عن البكالوريا في تونس و هي تطوي سنتها 126.
يعود أوّل تاريخ للبكالوريا كشهادة علمية تتوّج سنوات الدراسة بالتعليم الثانوي إلى سنة 1808 بفرنسا لمّا أصدر الإمبراطور "نابليون بونابرت" أمرا يتعلّق بتنظيم هذه الشهادة واعتبارها "رتبة علمية". أمّا في تونس فقد تم اجتياز أوّل امتحان البكالوريا سنة 1891 أي 10 سنوات بعد دخول الاستعمار الفرنسي واستمر الحال كما هو عليه إلى غاية سنة 1956 كان خلاله عدد التلاميذ التونسيين أو المسلمين المجتازين لامتحان البكالوربا يعدون على رؤوس الأصابع إذ لم يتجاوز عدد الناجحين 123 فيما بين 1891 و 1918 وفي سنة 1927 لم ينجح إلا 27 تلميذا وفي سنة 1938، بلغ عدد الناجحين 58.
وشهدت سنة 1924 في معهد كارنو الذي أصبح بداية من 1983 المعهد النموذجي الحبيب بورقيبة، نجاح شاب يدعى الحبيب بن علي بورقيبة في شعبة البكالوريا فلسفة بمعدل 16 من عشرين و الذي اصبح فيما بعد أوّل رئيس لتونس المستقلّة و كان من بين زملائه في الدراسة الطاهر صفر و البحري قيقة.
ويوم 31 ماي 1957 تم إجراء أوّل امتحان لشهادة البكالوريا في نسخته التونسية شارك فيه 1900 مترشح منهم 1400 من ولاية تونس وحدها والبقية موزّعون على بقيّة الولايات و قد ناهزت نسبة النجاح 30 بالمائة حيث تمكّن حوالي 600 مترشّح من الحصول على الشهادة وتحصّل 50 منهم على ملاحظة "حسن جدا". وكانت الامتحانات تجرى في دورتين أو ما كان يسمى آنذاك بالجزء الأوّل في نهاية السنة الخامسة من التعليم الثانوي والجزء الثاني في نهاية السنة السادسة من التعليم الثانوي، ويخوض الناجحون في الاختبارات الكتابية اختبارات شفاهية في جميع المواد العلمية والأدبية. وعلى إثر التمديد في مسلك التعليم الثانوي من 6 إلى 7 سنوات أصبحت البكالوريا تجرى في نسخة واحدة مع المحافظة على الاختبارات الشفاهية بالنسبة للناجحين في الكتابي الذين يتمّ تجميعهم في ثلاثة مراكز كبرى بتونس و سوسة وصفاقس قبل أن يقع إلغاء الشفاهي سنة 1976 وتوحيد الشهادة بعد أن كانت منقسمة إلى بكالوريا فرنسية و بكالوريا عربية.
وقد تمّ إدخال عديد التعديلات على امتحان البكالوريا فبعد أن كانت تقام في دورتين الأولى في شهر جوان والثانية في شهر سبتمبر، حيث يجتاز المؤجّلون جميع المواد، تمّ تعويض الدورة الثانية بدورة تدارك تجرى اختباراتها أيّام قليلة بعد إعلان نتائج الدورة الأولى و يختبر المترشّحون أساسا في المواد التي لم يحصلوا فيها على المعدّل، كما تنوّعت اختصاصاتها لتصبح على ما هي عليه الآن منقسمة إلى 7 اختصاصات : رياضيات، علوم تجريبية، تكنولوجيا، اقتصاد، إعلامية، آداب و رياضة. وشهدت سنة 2002 الشروع في احتساب نسبة 25 بالمائة من المعدّلات السنوية للمترشّحين ممّا ساهم، حسب عديد المختصين، في ارتفاع نسب النجاح والتقليص من قيمة هذه الشهادة حتى أنّ بعض الدول أصبحت تخضع حامل البكالوريا التونسية إلى تقييم إضافي قبل قبوله في إحدى مؤسساتها الجامعية. وتطوّرت نسب النجاح في امتحان البكالوريا إلى حدّ أنّها تجاوزت في بعض السنوات 70 بالمائة. وكان للفتيات دوما النصيب الأكبر سواء في نسب النجاح أو في عدد المتفوّقين وللتذكير فان سنة 2010 شهدت ولأوّل مرة في تاريخ البكالوريا التونسية حصول فتاة من المعهد النموذجي باريانة على معدل 20 من 20 و هو ما رقم قياسي يصعب معادله.
وكانت النتائج تعلن بواسطة الصحف اليومية و عن طريق الإذاعة الوطنية و في مراكز الامتحان قبل أن تدخل وسائل الاتصال الحديثة على الخط ( الإرساليات القصيرة والانترنت) لتعوّض هذه الطرق التقليدية التي تضفي نكهة خاصة على عمليّة الإعلان عن النتائج.
وللتذكير فإنّ النظام التربوي التونسي شهد ثلاثة إصلاحات كبرى الأوّل كان على يد المرحوم محمود المسعدي توّج بقانون 4 نوفمبر 1958 و الثاني على يد المرحوم محمد الشرفي من خلال قانون جويلية 1991 و الثالث كان مع منصر الرويسي في جويلية 2002.

ابراهيم الوسلاتي 

التعليقات

علِّق