وتبقى شوفلي حلّ... السلسلة التونسية المفضلّة لدى المشاهدين

وتبقى شوفلي حلّ... السلسلة التونسية المفضلّة لدى المشاهدين

 

رغم أن إنتاج سلسلة "شوفلي حل" انطلقت منذ سنة 2005 وتواصلت إلى حدود سنة 2009، فإن هذه السلسلة الهزلية مازالت تحافظ اليوم(سنة 2021) على نسبة مشاهدة مرتفعة مع إعادة بثها بجميع اجزائها عبر القناة الوطنية الثانية. 

وتعد هذه السلسلة من العوامل المساهمة في محافظة هذه القناة الثانية على متابعيها نظرا لتواضع المادة الإعلامية التي تعرضها من حين إلى آخر. ورغم أن فريق السلسلة لا يتلقى أي مقابل مادي من إعادة عرض هذه السلسلة، فإن القناة تتمتع بعائدات مالية بفضل الاشهار الذي يعرض بين القسمين من الحلقة. ولقد تجاوزت أحيانا عائدات الإشهار300 ألف دينار في الشهر، لتربح القناة  مداخيل تصل إلى مليارين ونصف في العامّ بفضل إعادة بثّ شوفلي حلّ.

 ومما لاشك فيه هو أنه ما كان للمؤسسات الاقتصادية ان تقدم على الترويج لمنتوجها عبر هذه القناة التي يكاد يتابعها قلة من التونسيين خلال الفترات الزمنية الأخرى من اليوم، لولا أنها متأكدة من متابعة نسبة كبيرة من التونسيين لهذه السلسة الهزلية.   

لكن ما هو غريب في الأمر هو محافظة "شوفلي حل" على اهتمام متواصل للجمهور رغم مرور أكثر من عشر سنوات على إنتاجها، فلو خير المشاهد التونسي بينها وبين سلسلة جديدة، سيفضلها على جميع البرامج الإعلامية. 

ثم لو نظرنا في الفئة المتابعة لهذه السلسلة، سوف نجد أن المشاهدين من جميع الفئات: المثقفين والغير مثقفين، الشباب والكهول والكبار في السن، النساء والرجال الأطفال،... ويمكن الحديث حتى عن مواطنين من جنسيات أخرى. 

هذه السلسة الهزلية سجلت نجاحا باهرا في تاريخ الانتاج التلفزي التونسي، نجاحا لم يسجله أي مسلسل آخر، بما في ذلك مسلسل "الخطاب عالباب" الذي يعتبره الكثير من التونسيين أيضا مسلسلا استثنائيا. ولكن مع "شوفلي حل" تستطيع أن  تعيد جميع الحلقات كأنك تكتشفها لأول مرة، وتضحك كأنك ترى هذا المشهد أول مرة.. شعور غريب لا تجد له تفسير.. 

ونحن على أبواب شهر رمضان الكريم، نحتاج إلى دراسة سوسيولوجية لفهم عوامل نجاح هذه السلسلة إلى اليوم لعل مبدعا من رجال الثقافة يفاجئنا بعمل فريد. لكن نحن نعلم ان مخرج "شوفلي حل" قد أبدع.. وكاتب السناريو قد أبدع.. وجميع الممثلين قد أبدعوا.. كبارا وصغارا... سفيان الشعري (رحمه الله)، كمال التواتي، علي بنور، جميلة الشيحي، منى نور الدين، كوثر بلحاج، وغيرهم. وليس"شوفلي حل" إلاّ دليلا على أنّ المشهد الثقافي التونسي يعمّ بممثلي كفء قد سجلوا أساميهم بأحرف من ذهب في تاريخ الإنتاج التونسيّ.

"شوفلي حلّ" ليس سوى عمل متميز في جميع تفاصيله وسيظل خالدا في ذاكرة الانتاج التلفزي التونسي.. وسيكون فرصة لتطلع الاجيال القادمة على فترة تاريخية معينة من تاريخ تونس باعتبار أن هذه السلسلة قد سلطت الضوء على تفاصيل من الحياة الاجتماعية بتونس.  لا يوجد تفصيل إلاّ وقد تطرق إليه حاتم بالحاج في السناريو حتى أنّه ساهم في خلق مصطلحات جديدة في المجتمع. وإن انتقدها البعض مع بداية عرض هذه السلسلة غير أنّها تحولت فيما بعد إلى لهجة مضحكة. ثمّ في قالب هزلي، طرحت العديد من المواضيع الاجتماعية المهمة على غرار الخيانة الزوجية، والعلاقات الزوجية، ومعاكسة الطالبة لأستاذها والتحرش الجنسي بالجامعة، والشعوذة وغلاء المعيشة، وقضايا العمارات السكنيّة وغيره من المواضيع التي قد نخجل في طرحها علنا، ولكن تقبلها المشاهد عبر هذه السلسلة. وما أحوجنا اليوم إلى سلسلة هزلية كهذه تكشف خور الحكومة ومجلس نواب الشعب والأحزاب.

نهى بلعيد

التعليقات

علِّق