هل يمكن القضاء على الإرهاب بمنع السفر دون تمييز ؟

الحصري - مقال رأي
تابعت البارحة في برنامج " اليوم الثامن " ما دار من حديث عن الإرهاب وعن الإجراءات التي تتخذها الدولة عبر بعض هياكلها للتوقّي من هذه الظاهرة المدمّرة . وقال أكثر من طرف وبالخصوص الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن الوزارة منعت حوالي 10 آلاف تونسي من السفر إلى وجهات مختلفة من باب الحيطة والإشتباه في أن هؤلاء قد يكونون متجهين إلى " الجهاد " في سوريا أو العراق أو اليمن أو حتى الصومال ... ولئن نجد لهذا الإجراء ما يبرره باعتبار أن مقاومة الإرهاب شأن وطني جماعي وليس شأن الدولة وحدها فإن الداخلية مدعوة إلى مراجعة بعض الأمور في هذا الموضوع . وحسب ما أفاد به بعض الحاضرين في البرنامج فقد تم منع السفر على أشخاص كانوا سيتجهون إلى العمل أو لقضاء بعض الشؤون في مناطق بعيدة كل البعد عن " بؤر التوتر " المعروفة ( والعبارة لمحمد علي العروي ).
وبكل تأكيد من حق أي تونسي منع من السفر أن يلجأ إلى القضاء مثلما فعل البعض . لكن اللجوء إلى القضاء قد يأخذ بعض الوقت فتضيع مصالح بعض الناس بسبب الإرهاب وأهل الإرهاب وما قد يجنيه الإرهاب على الأبرياء... وبكل تأكيد أيضا نحن جميعا ضد الإرهاب لكن نعتقد أن هناك طرقا أخرى تساعد على مكافحته دون أن نساهم في تفاقم الإحتقان باعتبار أن الممنوعين من السفر لن نراهم يرقصون فرحا بل سيغضبون من هذا الإجراء خاصة بالنسبة إلى الأبرياء منهم حتى من نيّة الإرهاب . وعلى سبيل المثال لماذا لا يتم تنشيط التعاون الأمني الدولي عبر جهاز " الأنتاربول " مثلا فنضرب عصفورين معا . فالشخص الذي يريد أن يذهب إلى سوريا لن يفعل ذلك مباشرة بل يسافر إلى بلد آخر ومنه إلى سوريا أو العراق أو اليمن أو الصومال . وبناء على ذلك يمكن للسلطات الأمنية أو القضائية التونسية الإتصال بالبلدان التي يتوجّه إليها التونسيون الذين قد يشتبه الأمن في أمرهم فيتم منعهم من " مواصلة الرحلة " نحو الوجهة التي قد يكونون أخفوها عند خروجهم من تونس . وهنا تتضح الرؤية بكل تفاصيلها . فإذا سافر تونسي من هؤلاء إلى بلد ما بدعوى قضاء شأن ما أو لمجرد السياحة فإنه سيفعل ذلك ولن يبحث عن العبور إلى بلد آخر. أما إذا كانت له " سوء النية " فإن أمره سينكشف في البلد الذي حلّ به وسوف يجبر على العودة إلى تونس موسوما بتهمة لن يستطيع إنكارها .
هذا الإجراء ومثلما قلنا يخفف الضغط على وزارة الداخلية ويجنّبها أقصى ما يمكن الوقوع في الخطأ من خلال ظلم بعض الأشخاص ومنعهم من السفر دون أن تكون لهم مجرد النية في التوجه نحو بؤر الإرهاب . ومن الطبيعي جدا أن يقال إن بعض الدول التي يتوجه لها بعض التونسيين من أجل العبور إلى مناطق التوتر لا تستطيع السيطرة على حدودها فما بالكم بمراقبة المسافرين ؟ وهنا نقول نعم إن على السلطات التونسية أن تمنع سفر المشتبه فيهم إليها إلى حين تستقر أمورها بالرغم من أن ذلك قد يكون ظالما للبعض من هؤلاء المسافرين .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق