هل يمكن اعتماد نتائج الاستشارة قاعدة للحوار؟

هل يمكن اعتماد نتائج الاستشارة قاعدة للحوار؟

لا يفلّت رئيس الجمهورية أية مناسبة للظهور دون الحديث عن الاستشارة وإبراز أهميتها في بلورة ملامح النظام الذي يريده واعتبار نتائجها قاعدة أساسية للحوار مع "الصادقين الثابتين المخلصين" ويصرّ على المضي قدما في تنفيذ روزنامتة الشفاهية التي انطلقت بغرة جانفي مرورا ب 20 مارس ثم 25 جويلية وصولا الى 17 ديسمبر ومشروعه الذي بدأت تتضح معالمه المتعلّق بالبناء القاعدي متمثلا أساسا في الشركات الأهلية...

انّ الاستشارة التي أرادها رئيس الدولة أن تكون تفويضا جديدا حتى أن بعض أعضاء الحكومة التي جنّدت لها كل الإمكانيات لإنجاحها تحدثوا عن مشاركة 3 ملايين تونسي وتونسية كانت خيبة أمل كبرى اذ لم يشارك فيها سوى 543 ألف من مجموع الذين تتجاوز أعمارهم 16 سنة ( حوالي 9 ملايين) وهي نسبة ضعيفة جدا كانت دون عدد الأصوات التي تحصل عليها قيس سعيد في الدور الأوّل من الانتخابات الرئاسية ( 631 الف) وبالتالي فهي ليست عينة ممثلة لمختلف شرائح المجتمع بخلاف استطلاعات الرأي (الحقيقية طبعا ) التي تعنبر عامــلا مهــما لقيــاس الــرأي العــام لأنّها تعتمد معايير علمية من خلال اختيار عينة ممثلة لجميع الشرائح وفق متغيرات عدة منها السن والجنس والجهة والمستوى التعليمي والمهنة...وهذا رغم أنّ مصداقيتها أصبحت على المحك حينما يتعلق الأمر بالانتخابات أو بنسب الثقة في السياسيين بصفة عامة ...

وبلغة الأرقام فان نسبة الاناث المشاركات في الاستشارة كانت دون نسبة الرجال بكثير اذ بلغت 31بالمئة فقط (166705 من مجموع 534915)كما أن نسبة الشباب دون 20 سنة لم تتجاوز 2،3 بالمائة في حين بلغت نسبة الفئة العمرية 20-29 سنة 16،9 بالمائة كما أنّ تمثيلية الجهات كانت متباينة بشكل واضح وتراوحت بين 54 ألف في تونس و 5 ألاف فقط في تطاوين...

أما في الخارج فقد كان الاقبال ضعيفا جدا حيث تراوح العدد بين 3340 في فرنسا و792 في ألمانيا و...257 في الكويت...

من جهة أخرى فان نسبة المشاركة في المحور المتعلق بالشأن السياسي والانتخابي الذي يعتبره رئيس الجمهورية حجر الزاوية لمشروعه كانت دون ال20 بالمائة( 19،7بالمائة) وبلغة الأرقام فقد شارك فيه 105 الاف فقط.

لأجل هذا فانّ نتائج الاستشارة لا تمثّل اتجاهات الرأي العام لدى التونسيين والتونسيات ولا انتظاراتهم ولا تشكّل رأي أغلبية المجتمع إزاء جملة القضايا المطروحة في محاور الاستشارة كما لم تعكس الوعي السياسي الحقيقي لدى فئة الشباب التي لم تقبل على المشاركة فيها بكثافة، كل هذا بالرغم من وجود اتجاه عام لدى عموم التونسيين بضرورة الإصلاح والتغيير والقطع مع ما قبل 25 جويلية 2021.

لأجل هذا وغيره لا يمكن، في تقديري، اعتماد نتائج الاستشارة كقاعدة لأيّ برنامج أو مشروع سياسي ولا كمرتكز فــي توجيــه الحكومة فــي كافــة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فــي الاتجاه الصحيــح.

 ولكن في المقابل يمكن الاستئناس بها في بلورة عدد من الإجراءات والقرارات الظرفية ذات البعد الاجتماعي بالخصوص...

ابراهيم الوسلاتي

التعليقات

علِّق