هكذا يواصل الفاسدون التنكيل بالمستشارين الجبائيين وبحاملي الشهائد العليا وإهدار المال العام

الحصري - رأي
بقلم : الأسعد الذوادي
يواجه المستشارون الجبائيون اليوم ومن ورائهم آلاف العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا في الجباية صعوبات كبيرة نتيجة المجهودات الاستثنائية التي يبذلها الفاسدون الذين سخروا اجهزة الدولة والتشريع والمال العام طيلة عشرات السنين في سبيل تهميش مهنة المستشار الجبائي والتنكيل بأصحابها.
فهؤلاء لم يدخروا جهدا في منح المعرفات الجبائية للسماسرة والمتلبسين بالألقاب والموظفين وغيرهم من الممنوعين قانونا في خرق للفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات وقانون الوظيفة العمومية والفصل 96 من المجلة الجزائية والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 متعلق بمهنة المحاماة باعتبار ان المستشار الجبائي يقوم بجزء من مهام المحامي والقانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي تجاوزه الزمن والذي يصرون بكل الطرق والوسائل القذرة الى حد الان على عدم تحيينه في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2015 على الرغم من أنه ينص على قوانين نسخت منذ عشرات السنين. فحتى الأمر الصادر خلال شهر مارس 2011 عن وزير المالية بخصوص إعداد مرسوم لإعادة هيكلة المهنة تم تعطيله بتعلة إعادة قراءة المشروع الذي عطلوه سنة 2002 دون الحديث عن مشروع سنة 1994 والحال أن إعداد مشروع المرسوم يتطلب بضعة أيام باعتبار أن مهنة المستشار الجبائي لا تختلف عن مهنة المحامي إلا في ما يتعلق بمجال التدخل.
كما يصر هؤلاء الفاسدون إلى حد الآن في خرق للفصل 96 من المجلة الجزائية على التعامل مع المتلبسين بالألقاب على معنى الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية والسماسرة والموظفين ومخربي الخزينة العامة الذين كلفوا ولا زالوا الخزينة العامة مئات آلاف المليارات باعتبار أنهم رفضوا إلى حد الآن سحب المعرفات الجبائية التي منحوها للمتلبسين بلقب المستشار الجبائي والمحامي في خرق للقانون وما المذكرات الداخلية التي يصدرونها من حين لآخر إلا للكذب على العموم وذر الرماد في العيون حتى لا تنكشف اعمالهم الاجرامية التي باتت مفضوحة للجميع. فلقد عجز احد الفاسدين عن إجابة احد المشاركين في ندوة نظمتها الهياكل المهنية بسوسة خلال سنة 2011 بخصوص الأسباب الواقفة وراء عدم تاهيل المهنة محاولا إلقاء التهمة على كاتب الدولة للجباية الذي لعب دورا لا يستهان به في تهميشها والتنكيل باصحابها باستعمال الكذب وقلب الحقائق مثلما يتضح ذلك من خلال المراسلات التي كان يبعث بها لعديد الجهات والتي هي بحوزتنا.
هؤلاء الفاسدون لا يتورعون عن تعطيل الوعود الكاذبة التي يطلقها وزراء مالية العصابة أمام مجلس الغمة بخصوص تأهيل المهنة وإعادة هيكلتها مثلما هو الشأن بالنسبة لقانوني المالية لسنتي 2002 و2004 وذلك من خلال الكذب والمغالطة وقلب الحقائق والزور المشار اليه بالفصل 172 من المجلة الجزائية متعللين في ذلك بتداخل مهنة المستشار الجبائي مع المهن المحاسبية وهذا الكذب السافر لا يصدقه إلا الغارقون في الفساد الذين سخروا أجهزة الدولة وأهدروا المال العام خدمة للمناشدين والسماسرة ومخربي الخزينة العامة على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية.
فعندما دعيت الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين خلال شهر ماي 2002 من قبل وزير المالية لمناقشة مشروع قانون يتعلق بإعادة هيكلة المهنة تمت مناقشته خلال ستة اجتماعات عقدت صلب الادارة العامة للمساهمات، حرص خلالها الفاسدون آنذاك على إحضار أعداء المهنة من بعض ممتهني المحاسبة الذين لا تعنيهم المسألة لا من بعيد ولا من قريب وذلك لإقناع وزيرهم الفاسد بإرجاء الموضوع لأنه محل خلاف وهذا ما تم بالفعل إلى حد الآن علما أن تلك المسرحية رديئة الإخراج لا يصدقها إلا وزير فاسد إتضح كذبه السافر من خلال الأعمال التحضيرية و انصياعه للفاسدين من مساعديه.
ولمزيد التنكيل بالمهنة وبأصحابها حتى تبقى عجلة خامسة للسماسرة والمتقاعدين، عمل الفاسدون على تجريد المستشار الجبائي من مهامه من خلال سن نصوص مافيوزية فاسدة لا نجد لها مثيلا بتشاريع البلدان المتطورة محولين أيضا المؤسسة إلى بقرة حلوب عوض أن يستجيبوا لمطالب المهنة المتعلقة بالتأهيل والتي ترجع الى سنة 1986 وبعدم التعامل مع السماسرة الذين يتم استقبالهم بالإدارة كالإبطال الفاتحين على حساب العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية وبإبلاغ أمرهم للنيابة العمومية على معنى الفصل 9 من قانون المهنة والفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية وباحترام قانون المهنة، بادروا في إطار الفصول من 50 الى سنة 56 من قانون المالية لسنة 2001 ببعث مكاتب الإحاطة والإرشاد الجبائي لتقوم بمهام المستشار الجبائي والمحامي باستثناء تمثيل المطالب بالأداء لدى المحاكم. تبعا لذلك، أهدرت أموال طائلة على تكوين عدد من حاملي الشهائد العليا بالمدرسة الوطنية للإدارة وقدمت لهم المنح أثناء فترة التكوين ومنحت لهم قروض بنكية تبخر اغلبها وتكفلت وزارة المالية بالإشهار لأنشطتهم من خلال الصحف في خطوة تعتبر قفزة نوعية في تكريس الفساد باعتبار أن كل ذلك ليس له أي أساس تشريعي أو ترتيبي ولا يندرج ضمن المهام الموكلة لوزارة المالية التي حولها الفاسدون الى ضيعة خاصة للتنكيل بالمستشارين الجبائيين وبالعاطلين عن العمل.
الأتعس من ذلك، أن يتم تكريس المنافسة غير الشريفة والتمييز من خلال منح اصحاب مكاتب الاحاطة والارشاد الجبائي امتيازا جبائيا لمدة ثلاث سنوات يتمثل في طرح 50 بالمائة من مداخيلهم من أساس الضريبة على الدخل او الضريبة على الشركات. كما اصروا على اصدار كراس شروط مصبوغ بعدم الشرعية من خلال مخالفته الصارخة للفصل 3 من الأمر عدد 982 لسنة 1993 باعتبار انه لم ينص على الإدارة المكلفة بالسهر على احترام كراس الشروط وذلك بغاية مزيد تهميش المهنة لكي تبقى عجلة خامسة للمتحيلين والمتلبسين بالالقاب. ايضا اغتنم الفاسدون الفرصة لتجويع المستشارين الجبائيين من خلال القانون الإجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي تورط حتى تجار حقوق الإنسان في تمريره والذي ألزم المطالب بالأداء بتعيين محام في القضايا التي يتجاوز فيها مبلغ النزاع 25 ألف دينارا علما ان المستشار الجبائي مؤهل بمقتضى القانون عدد 34 لسنة 1960 للدفاع على مصالح المطالبين بالأداء أمام المحاكم الجبائية مثلما هو الشأن داخل البلدان الاروبية وأمام محكمة العدل الاروبية علما ان المجلس التأسيسي ومختلف الحكومات لم يبادروا بإرجاع هذا الحق المغتصب في إطار صفقة قذرة في خرق لكل العهود الدولية لحقوق الإنسان ولدستور الجهل والنفاق والطوائف.
لقد سخر الفاسدون التشريع والمال العام واضروا بالإدارة على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية للقضاء على مهنة المستشار الجبائي ولكن سرعان ما فشل مخططهم الاجرامي الذي يستلزم تحقيقا جزائيا وذلك من خلال اندثار تلك المكاتب التي نكاد لا نجد لها أثرا اليوم باستثناء المكاتب المكونة من قبل بعض ممتهني المحاسبة في خرق للقانون لتمكينهم من انتحال صفة المستشار الجبائي والمحامي. فالفاسدون صلب وزارة المالية لا زالوا يصرون على الإبقاء على الأحكام الفاسدة التي مرروها من خلال قانون المالية لسنة 2001 رغم الرأي الاستشاري الصادر عن مجلس المنافسة خلال سنة 2005 والذي أوصى بإدماجها صلب مهنة المستشار الجبائي الذي تقوم بنفس مهامه.
فقد عقدت الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين آنذاك ندوة صحفية بينت من خلالها فشل ذاك المشروع باعتبار أن الفاسدين مصرون على مواصلة إطلاق العنان للسماسرة والمتلبسين بالألقاب للقيام بالمهام الموكلة قانونا للمستشارين الجبائيين وأن الغاية من وراء ذلك هي مزيد التنكيل بالمستشارين الجبائيين لا غير.
كما تم تمكين المتلبسين بالألقاب والسماسرة وبعض المحاسبين والخبراء المحاسبين وفاقدي الأهلية من بعث "شركات مستشارين جبائيين" في خرق للفصل 4 من قانون المهنة ورغم مطالبة وزير المالية خلال الأشهر الأخيرة باستشارة المحكمة الإدارية إلا أن الهياكل المهنية لم تتلقى أي رد إلى حد الآن، علما أن بعض مساعدي وزير المالية متورطون بهذا الخصوص.
ولما فشلت مخططاتهم الإجرامية، سعوا بكل الطرق والوسائل لتجريد المستشار الجبائي من مهامه من خلال سن نصوص مافيوزية فاسدة لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الأجنبية تكرس المنافسة غير الشريفة محولة المؤسسة إلى بقرة حلوب من خلال اشتراط انتفاعها بحق أو امتياز بتعيين مراقب حسابات مثلما هو الشأن بالنسبة للفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 الذي احدث قضاء موازيا في المجال الجبائي والفصل 15 من مجلة الأداء على القيمة المضافة الذي كرس حالة من التمييز بخصوص استرجاع فائض الأداء على القيمة المضافة والفصل 48 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات بخصوص تخلي المؤسسة عن ديونها في إطار القانون عدد 34 لسنة 1995 متعلق بالمؤسسات التي تمر بصعوبات والفصل 21 من قانون المالية لسنة 2011 الذي يعد مهزلة باتم معنى الكلمة باعتبار انه كرس منافسة غير شريفة تجاه المهنيين الذين لا ينشطون في ما يسمى بمراكز التصرف المندمجة التي اقترح بعثها الفاسدون من المناشدين وغيرهم قصد الاستحواذ على مهام المستشار الجبائي والمحامي بتعلة تشغيل حاملي الشهادات العليا، علما ان هذه الأحكام غير الدستورية بامتياز والتي سنت في ظروف فاسدة لا نجد لها مثيلا بتشاريع البلدان المتطورة باعتبار أن مجالسها الدستورية لا تسمح بتمرير مثل هذه الأحكام الفاسدة التي كنا نتمنى لو انها لم تتسرب لبعض النصوص التي صدرت بعد 14 جانفي والتي جاءت اكثر فسادا من تلك التي صدرت قبل 14 جانفي وذلك نتيجة لاستشراء الفساد في منظومة اعداد النصوص التي انتجت الفصل المافيوزي 40 من القانون عدد 69 لسنة 2007 متعلق بالمناطق المينائية الخاصة بسياحة العبور الذي هو اليوم موضوع دعوى جزائية لدى النيابة العمومية علما ان النصوص المافيوزية التي صاغتها قطعان الفساد لفائدة العصابة والمناشدين من بعض اصحاب المهن الحرة التي كانت ركيزة من ركائز منظومة الفساد التي اسسها بن علي لا تحصى ولا تعد وسنكشف عنها عند مجيء سلطة وطنية بغاية تطهير إدارتنا المحتلة اليوم من قبل الفاسدين الذين يتكبد المطالب بالضريبة تمويل أجورهم وامتيازاتهم حتى يواصلوا تنمية الفساد والتخلف والبطالة والفقر. كان لزاما على المجلس التاسيسي ان يبادر فورا في إطار قانون المالية لسنة 2012 بتطهير المنظومة الجبائية ومجلة الشركات التجارية من النصوص المافيوزية التي سنت على مقاس المناشدين محولة المؤسسة الى بقرة حلوب ويفكك عصابة إعداد النصوص التشريعية والترتيبية ويصادق على المرسوم المتعلق بمكافحة الفساد بعد قراءته من قبل الخبراء في المجال الذين تم إبعادهم عند إعداده لما قد يتضمنه من أحكام فاسدة ويأذن بفتح ملف الفساد في مجال الجباية والطاقة حماية لمواردنا الوطنية المنهوبة ولسوق الشغل من خلال إيقاف ظاهرة استيراد البطالة المكرسة بالأمر الفاسد عدد 492 لسنة 1994.
والانكى من ذلك ان عشرات العرائض المرفوعة بخصوص هذه الجرائم المستمرة امام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ورئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية ووزارة الحوكمة ومقاومة الفساد والمجلس التأسيسي ومختلف لجانه لم تجد أذانا صاغية إلى حد الآن ولم يبقى للهياكل المهنية من حل سوى الالتجاء للقضاء العدلي والقضاء الاداري ومجلس حقوق الانسان بجونيف. هل يعقل ان يتلقى المستشارون الجبائيون الدعم من المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة والكونفدرالية الاروبية للجباية الممثلة لاكثر من 180 الف مستشارا جبائيا موزعين على اكثر من 24 بلدا اروبيا ويوصد الفاسدون الابواب في وجوههم ووجوه الالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا في الجباية.
التعليقات
علِّق