مهدي بن غربية يكتب : العائلة الديمقراطية إلى أين ؟

مهدي بن غربية يكتب : العائلة الديمقراطية إلى أين  ؟

الحصري - مقال رأي

بقلم : مهدي بن غربية

شكلت الانتخابات التشريعية الأخيرة صدمة للعائلة الديمقراطية أكانت مشاركة في السلطة أم على هامشها أو معارضة لها.
في حين صوت التونسيون بكثافة إما لممثلي فكرة النظام الردع l'ordre  (الحلول الأمنية) أو لممثلي الإيديولوجيات يمينها وشمالها (الحلول الإيديولوجية) أو لممثلي المال والزبونية (الحلول المالية)...لم تنجح العائلة الديمقراطية الوسطية الاجتماعية أو الليبرالية في توحيد صفوفها وتقديم خيارات واضحة ودقيقة تساعد على تبنيها والانخراط فيها. ..فإضافة إلى كثرة انقساماتها و  تفرعاتها إلى أكثر من عشرة أحزاب، فإنها بقيت رخوة وشديدة العمومية ومتمترسة وراء مبادئ عامة وقيم جامعة لم تترجمها إلى فعل يومي وحراك ميداني وحلول عملية لواقع يشتد تعقدا يوما بعد يوم. و إذ نجحت هذه المبادئ الكبرى في المعركة ضد الديكتاتورية و تأمين المسار الانتقالي فإنها أثبتت اليوم محدوديتها في تأطير واقع أثثته الأزمات المتعاقبة...واقع يحتاج اليوم إلى الحلول العملية والاجرائية أكثر من المبادئ العامة والنظرية. ..
العائلة الديمقراطية بعد الضربة الموجعة التي تلقتها وأطاحت بها، لا خيار لها إلا النهوض من جديد والاعتماد على سندين: توحيد الصفوف وتجديد الخطاب.
لقد ساهمت العائلة الديمقراطية باقتدار في المعركة ضد الاستبداد والفساد وساهمت في تأمين الانتقال نحو الديمقراطية وقد تجسد ذلك في المساهمة الفاعلة والنشطة في صياغة دستور يعبر عن تطلعات التونسيين وفي درجة الوعي التي وصل إليها بعد ثورة الحرية والكرامة. وحري بها اليوم أن تساهم في تأمين الوصول إلى مرحلة الأمن والاستقرار والازدهار. ..فلنقلها اليوم بقوة أن إضعاف العائلة الديمقراطية اليوم هو إضعاف للديمقراطية في حد ذاته وأن غياب الديمقراطيين قد يخرج من عقالها نوازع الاستبداد والهيمنة والانفراد بالرأي...
لقد سارعت دون تردد بعد أن بدأت تتضح معالم النتائج الكارثية للعائلة الديمقراطية بالدعوة إلى لم شملها ورا صفوفها وفهم الدرس...دعوت لتجميعها قبل الانتخابات مقترحا المبادرة تلو المبادرة. ..ولكن النرجسبات وضيق الأفق و الحسابات الضيقة كانت أقوى من نداءاتي و محاولاتي. ..واليوم والبعض يعتبرني مداعبا بواحد من الناجين من الغرق الديمقراطي                     
Rescapé du naufrage démocratique
  أجدني مستأمنا على بقاء العائلة الديمقراطية في تونس الحرية والكرامة...ومقرا العزم على خوض معركة الترميم وإعادة البناء. ..وها أنا أجدد الدعوة ﻷصدقائي ورفاق الدرب الديمقراطي بالتواضع لدرس الانتخابات ونكران الذات والاستجابة لنداء المراجعة والإصلاح. .. 
لا ضير أن نخسر معركة انتخابية، فهذه سنة التداول: يوم لك ويوم عليك...ولكن الضير والضرر أن نخسر معركة الأمانة والمسؤولية والشجاعة والحق.
الديمقراطيون إما ينتصرون لديمقراطيتهم وإما يستبدلهم التونسيون بآخرين...هذا حالهم اليوم وسيكون حالهم غدا إن لم يتعضوا بالدرس.
أخيرا وليس آخرا، العائلة الديمقراطية اليوم أمام مفترق طرق: إما تراجع وتغير فتستمر. ..وإما تتجاهل وتتعنت فتندثر. ...
 

التعليقات

علِّق