من صفاقس الى نفزة فجربة .. اليوم الأكثر دموية في تونس و "الحرابش" في قفص الاتهام !!

من صفاقس الى نفزة فجربة .. اليوم الأكثر دموية في تونس و "الحرابش" في قفص الاتهام !!

بقلم: ريم بالخذيري

في ظرف 48ساعة تقريبا عاش التونسيون على وقع كابوس جريمة مزدوجة في جهة نفزة من ولاية باجة حينما أقدم شاب على اغتصاب أمه و قتلها قبل أن يلحق بها الأب .كما اهتزت صفاقس على جريمة أكثر بشاعة تمثلت في اقدام ابن أيضا و صديقه على ذبح أمه الأستاذة  وأخته ذات العشر سنوات وأيبه المتقاعد .

في جربة أقدم تلميذ بصدد اجراء امتحان الباكالوريا على الانتحار شنقا .و الحصيلة 6ضحايا في يوم واحد و الأسباب المؤدّية لارتكابها تبدو واهية. و من المؤكّد أن مرتكبوها لم يكونوا في وعيهم لحظة ارتكابها كعدد آخر من الجرائم السابقة حيث ترتكب كل يوم في تونس امّا جريمة قتل أو اغتصاب أو "براكاج" خطير .هذا دون أن ننسى مقتل  9زوجات منذ بداية السنة على يد أزواجهم.

لقد بات واضحا أنّ منسوب الجريمة بلغ حدّا لايطاق وما يثير الاستغراب أكثر ليس عدد الجرائم المرتكبة فحسب و انّما بشاعتها وهذا ما يؤكّد النزعة الحيوانية لمرتكب الجريمة و يؤكّد سيطرة مؤثرات خارجية على مرتكبها .

                  "الحرابش" في قفص الاتهام

يطلق عليها التونسيون اسم "الحرابش" وتسمى في دول أخرى "حبوب الهلوسة" و تسمىّ بالفرنسية pilules narcotique  وهي تعدّ من فئات العقاقير التي لها القدرة على التأثير على القدرات الإدراكية للشخص للدرجة التي قد تفصله عن الواقع، فتحت تأثير حبوب الهلوسة يرى الشخص أشياء ليست موجودة ويسمع أصواتا غريبة ويظنها حقيقية، وهي تحوّل الانسان الى كائن عدائي منفصل تماما عن واقعه وعن أسرته ومجرّد من كل المشاعر و الأحاسيس و الأخطر من ذلك أنها ليست من نوع المسكرات حيث لايتفطّن أي كان لمستهلك هذه الحبوب .

واليوم تعدّ هذه الحبوب من أكثر أنواع المخدرات شيوعا في تونس و الكميات الكبيرة التي يتم حجزها يوميا لاتساوي سوى النزر القليل من الكميات التي تصل الى أيدي الشباب .وهنا لابدّ من تكثيف التصدي لتهريب هذا السم لبلادنا مع تشديد العقوبات على موزّعيها و مستعمليها فهي مؤذنة بخراب المجتمع وتدمير الناشئة و الشباب خاصة اذا ما علمنا بأن نسبة لاتقل 35بالمائة من التلاميذ أقروا باستهلاكهم المخدرات (حبوب أو سجائر) مرة على الأقل امّا داخل المؤسسات التربوية أو خارجها ما يثبت أنه هاته المؤسسات مستهدفة من قبل المروجين و بالتالي لابد من خطة أمنية شاملة للتصدي لهذه الظاهرة.

وكذلك لابد من بعث مادة تدرّس في المدارس و المعاهد للتحذير من خطر المخدرات و السجائر .بالاضافة الى اصلاح التعليم و استعادة دوره التربوي وهو مطلب شعبي ملح لم يعد بالإمكان التغاضي عنه.

تطبيع مع الجرائم و استقالة الأولياء

ما يزيد الأمر خطورة و تعقيدا و يساهم في تنامي هذه الجرائم البشعة هو التطبيع معها فالتونسي أصبح يمرّ مرور الكرام على مثل الأخبار ولم تعد تحرّك فيه ساكنا كما أنّنا نلاحظ  عدم وجود خطط علمية و اجتماعية و نفسية من قبل الدولة للتصدي لمثل هذه الجرائم فمعلوم أن المقاربة الأمنية لوحدها لا تكفي و لاتستطيع منع الجريمة قبل وقوعها .

كما أن الخطر الآخر المغذي لهذه الجرائم هو استقالة الأولياء من مراقبة الأبناء فقد تأثرت العائلة التونسية بالأوضاع الاجتماعية الصعبة و انغماس الوالدين الكلي في العمل وهذا كان له التأثير السلبي على التواصل مع الأبناء الذين يجدون في الشارع ملاذا في أصحاب السوء الحضن المثالي .

المحصلة أن أطفالنا و شبابنا في خطر و يتعرضون لحملة تدمير ممنهجة من قبل عصابات المخدرات وهم يواجهون هذا الواقع عزّلا دون سند عائلي و لا اجتماعي و ثقافي .و النتيجة جيل منفصل عن واقعه غارق الأحلام المحطمة .أصبح يمثّل خطرا على العائلة و على المجتمع وعلى نفسه قبل كل شيء.

التعليقات

علِّق