منهم الطاهر بلخوجة وغيره : بأي حقّ يكرّم وزير الداخلية رموزا للقمع والاستبداد وتكميم الأفواه ؟؟؟

منهم الطاهر بلخوجة وغيره : بأي حقّ يكرّم وزير الداخلية رموزا للقمع والاستبداد وتكميم الأفواه ؟؟؟

أشرف وزير الداخلية  "هشام الفراتي"  مؤخرا بمدينة الثقافة بالعاصمة على موكب انتظم احتفالا بالذكرى 63 لتونسة الإدارة الجهوية بدعوة من جمعية "21 جوان 1956 لسلك المعتمدين" . وتم بتلك  المناسبة  " تكريم  " عدد من وزراء الداخلية السابقين وثلة من المعتمدين الأول والمعتمدين من الرعيل الأول  مثلما جاء في كافة الأخبار " الرسمية " .وكان الطاهر بلخوجة أبرز " المكرّمين " في هذه " اللمّة " التي تعبّر عن موقف وزارة الداخلية بصفة رسمية وبالتالي عن موقف الحكومة التونسية الحالية .
إلى هنا قد تبدو الأمور عادية إلا أن السؤال الذي لم يفارقني لحظة واحدة منذ أن تم بث الخبر على القناة الوطنية الأولى و " بكل فخر واعتزاز " هو : بأي حق يقوم وزير الداخلية بتكريم البعض من الذين ارتبطت أسماؤهم بفترات من القمع ولجم الأفواه وكبت أي نفس يتوق إلى الحرية والديمقراطية في تونس منذ دولة بورقيبة إلى آخر أيام دولة بن علي ؟.
وبمعنى آخر هل أصبحنا في بلد يتمّ فيه تكريم من ساهموا في الاستبداد والظلم والتعذيب جهرا دون أي اعتبار لأولئك الذين كانوا ضحايا للكثير من هؤلاء المسؤولين القدامى المحتفى بهم ؟.
ودون الدخول في تفاصيل ما كان يفعله بعض الولاة والمعتمدين والعمد في خلق الله البسطاء من عامة الشعب  طيلة عقود من الزمن  سنكتفي هنا بالسؤال : هل نسي وزير الداخلية الحالي أن يتناسى ما فعله بعض وزراء الداخلية  " المكرّمين " في أبناء الشعب وبناته خلال الفترتين المظلمتين من حكمي بورقيبة وبن علي ؟؟؟.
ولو أخذنا الوزير الطاهر بلخوجة " المكرّم " رسميّا على سبيل المثال فهل يمكن أن نعتبره من " الأنفس المومنة " التي كانت تشرف على وزارة الداخلية التي كانت بدورها تقدّم في تلك الفترة باقات من الورود لكل معارض أو طالب أو تلميذ يرى عكس ما تراه الداخلية أو نظام الحكم عموما ؟. هذا الرجل ( وعلى سبيل المثال دائما ) قام بتأسيس أول جهاز تونسي لقمع المظاهرات وخاصة مظاهرات التلاميذ والطلبة ومظاهرات الاتحاد العام التونسي للشغل  وهو جهاز النظام العام الذي أنجب في عهده السعيد وحدات التدخّل وكان يعرف عند الجميع اختصار باسم " البوب " في سبعينات القرن الماضي . وما زال الكثير من أبناء تلك الفترة ( في الحركات التلمذية والطلابية والعمالية ) وأنا واحد منهم يحملون آثار " السعادة " على أجسامهم إلى اليوم وكان الوزير آنذاك الطاهر بلخوجة الذي يجد اليوم نفسه مكرّما بصفة رسمية من قبل الدولة التونسية وباسم الشعب التونسي الذي ساهم ولو بالقليل في تعذيب بعض أفراده وفي قمع آخرين وتشريد عائلاتهم وقطع أرزاقهم وتحطيم مستقبل البعض منها من خلال السجن أو التجنيد الإجباري أو غير ذلك من الوسائل القمعية التي لم تكن تعوز نظامي بورقيبة وبن علي .
قد يكون من حق وزير الداخلية أن يقوم بتكريم من يشاء لكن لا أعتقد أن من حقه أن يكرم رموزا للقمع والتعذيب وتكميم الأفواه باسم التونسيين . فإذا كان مصرّا على التكريم فليفعل ذلك على حسابه الخاص ومن خلال قناة أخرى ليست في كل الأحوال وزارة الداخلية التي نريد  أن تكون في خدمة الشعب وليست في خدمة البعض من جلّاديه اللهمّ إلا إذا أراد الوزير أن يقول لنا إن الوزارة لم تتغيّر وإنها تكرم الرموز السيئة مثلما تكرم من استشهدوا في سبيل الوطن  من أبنائها . ولعلّ الوزير في النهاية لا يدرك  أن ما قام به استفزاز للعديد من التونسيين الذين عاشوا تلك الحقب السوداء التي كان " أكبر أبطالها " وزراء الداخلية دون أدنى شك .
جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق