مقاربة عرفانية لنمط العلاقات العنصري

 مقاربة عرفانية لنمط العلاقات العنصري

 

أعتقد أن أكثر شخصين تعرضا في السنوات الفارطة للعنصرية في تونس من قبل من يدعي محاربة العنصرية هما المرحومة جميلة الكسيكسي والمرحومة نجيبة الحمروني.

وكل خصم لهما كان يزدري سواد بشرتهما. و هذا يعني أن العنصرية ليست مرتبطة بالآخر الثقافي فقط ولا بالبشرة فقط وليست سلوكا منفصلا عن نموذج عقلي فردي مضطرب يقوم على التوجس من العلاقة بالآخر..

وهذا يبدأ في العلاقات الزوجية والروابط الأسرية والاجتماعية ليذهب للعلاقات بين الثقافات. فكل علاقة بشرية تعكس نمطين من المعتقدات حول الذات وحول الآخر ، والنمط الأول يشير الى معتقدات الشخص حول إستقلاله الذاتي ومجاله الشخصي الحيوي وقدرته على قبول الآخر في فضائه الخاص والتعايش معه، أما المعتقد الثاني فيعكس رؤى الشخص لقيمته ومكانه ومشاعر القبول والحب التي يلقاها من الآخر .

هذان المعتقدان وراء ما يسمى نمط العلاقات الشخصي ، وينعكسان على خط عمودي هو التجنب ( خط المعتقدات المرتبطة بالذات) وخط أفقي هو التوجس ( المعتقدات المرتبطة بالآخر) ويمكن أن يشهدا أربع حالات :

-أن يكونا متوازنين ( حالة الرابطة الآمنة) في درجة تجنب ضعيفة او سلبية ودرجة توجس ضعيفة او سلبية وهي أفضل الانماط العلائقية حيث يقبل الشخص الآخر والآخر الثقافي ولا يشعر برفض الآخر له.

-أن يكون التوجس أعلى من التجنب ( حالة القلق العلائقي) فيكون الشخص متخوفا من رفض الآخر له وهي حالة الصديق الذي هاجمني وغيره ممن يخاف أن يرفضه الآخر الثقافي ويقيمه سلبيا ويذهب في دونية ضد الذات الثقافية ويمارس عنصرية ضد الذات الثقافية.

- أن يكون التجنب أعلى من التوجس (حالة البعد والاستبعاد العلائقي ) وتلك حالة العنصريين التوانسة الذين لا يريدون الاختلاط بالأفارقة ولا قبولهم

- أن يكون التجنب والتوجس عاليين (حالة الروابط المزدوجة) وهي الحالة الأخطر حيث ترى الشخص يخاف الارتباط بالآخر الثقافي ويخاف أن لا يرتبط به الآخر : وهي حالة لا نحبك لا نصبر عليك التي تطبع :

من يحب الأفارقة في حدود أن لا يتحولو الى توانسة ويخاف أن يرفضه الأفارقة فيفقد ثقته وسمعته ومحبة الآخر

خلاصة القول:

العنصري التونسي : في حالة اضطراب علائقي من نمط البعد والاستبعاد distant

العنصري المزدوج : لا نحبك لا نصبر عليك craintif évitant

العنصري ضد الذات : هو من يشيطن الذات ويجعل من الاخر الثقافي ملاكا anxieux

التونسي المتوازن : علاقة الرابطة الآمنة بالآخر الثقافي دون توجس من أن يرفضنا ودون استرضاء ولا تنازل ودون تجنب لوجوده المادي والثقافي وادماجه ومحبته Sécure

بقلم الدكتور :جمال الهاني (أخصائي نفسي)

التعليقات

علِّق