مع تواصل إضراب القباضات : تدمير كامل لمصالح الناس و المؤسسات فمتى تتحرك الحكومة واتحاد الشغل لإيقاف " الفوضى " ؟

مع تواصل إضراب القباضات : تدمير كامل لمصالح الناس و المؤسسات  فمتى تتحرك الحكومة واتحاد الشغل لإيقاف " الفوضى " ؟

مثلما هو معلوم تم اليوم التمديد في إضراب قباضات المالية بكافة أنحاء الجمهورية  إلى أجل غير مسمى  حسب ما أعلن عنه الكاتب العام للنقابة الأساسية للمحاسبة العمومية والاستخلاص بتونس موهوب عروش  الذي أكّد أنه لا سبيل إلى العودة إلى العمل العادي  إلا بعد  التوصل إلى اتفاق مع وزارة المالية ورئاسة الحكومة بخصوص إصدار النظام الأساسي المنظم للقطاع .

وتؤكد  النقابة  أنها تطالب بقانون يضمن للمحاسب العمومي  أداء مهامه كافة " بعيدا عن التضييقات وسياسة التعليمات " و يحقق لعون الاستخلاص الأمن المهني أثناء تأدية مهامه موضّحا أنه ليس هناك تبعات مادية لإصداره هذا القانون الذي أكدت بعض المصادر أنه تمت الاتفاق حوله في اجتماع 5 زائد 5 قبل أن تتلكّأ الحكومة في إصداره .

وبقطع النظر عن طلبات النقابة وبالتالي المنضوين تحت لوائها وبغض النظر عن وجهات نظر أخرى تقول إن هذا الإضراب ليس من أجل قانون أساسي فحسب بل من أجل مطالب أخرى منها منحة خاصة  تعطى حسب حجم المداخيل  يبدو أن سلطة الإشراف لم تمنحها لهم بعنوان سنة 2020 بحجّة أن كافة المداخيل وفي كافة القباضات تقريبا كانت دون المأمول فإن الأمر المؤكّد اليوم هو أن هذا الإضراب شلّ الحركة بصفة شاملة وألحق أضرارا بأطراف لا تحصى ولا تعدّ . فلا المؤسسات ( وعددها بعشرات الآلاف ) قادرة على إيداع تصاريحها ولا الأشخاص العاديين ( وعددهم بمئات الآلاف ) قادرون على قضاء شؤونهم اليومية التي تتطلّب وثائق  لا تسلّم إلا من قباضة المالية  بعد دفع ما يجب عليهم دفعه ... ولا أحد باختصار يقدر في ظل هذا الإضراب " الوحشي " على إيداع أي شيء بأيّة إدارة لأن كل شيء مرتبط بالأداءات وإبراء الذمة المالية والتصاريح وما إلى ذلك من عمليات بعضها فات أجله وبعضها الآخر ما زال تحت رحمة القباضات .

وحتى المواطن الذي تقتضي ظروفه السفر في أجل محدد لم يعد بإمكانه ذلك لأن سفره أيضا أصبح مرتبطا بالقباضات .

وبكل صدق نحن اليوم في مأزق حقيقي عجزت الدولة على ما يبدو عن إيجاد الحلول الكفيلة  بالخروج منه . مصالح الناس في كل مكان معطّلة والدولة لا تملك أي حلّ . ولعلّ الأدهى من ذلك أنها لم تقدّم حلولا عمليّة لآلاف من الشركات والأشخاص ممّن حانت آجال دفوعاتهم المالية لفائدة القباضات . ونحن نعرف جميعا أن الدفع بعد حلول آجال الدفع  يكلّف غرامات التأخير بالرغم من أن العالم كلّه يعرف أن الذنب ليس ذنب الشركات أو الأشخاص في تأخّر الدفع بل هو ذنب قباضات المالية المغلقة وبالتالي لا يتعلّق الأمر هنا بتعمّد في التأخير في الدفع وإنّما عدم توفّر الأماكن العادية للدفع. ويؤكّد الكثير من الأشخاص والمسؤولين عن المؤسسات المطالبة بالدفع في آجال معينة أن لا  أحد يرحمهم في خصوص غرامات التأخير بالرغم من أن لذنب ليس ذنبهم مثلما قلنا.

اليوم  بات من الضروري جدّا أن تتحرّك جميع الأطراف لوضع حدّ لهذا الوضع الذي لم يعد يطاق :

- على الحكومة أن تتواصل مع المضربين من أجل إيجاد أرضية تفاهم تنهي الإضراب فورا ثم يتواصل بعد ذلك التفاوض فإذا كان لهؤلاء حقّ فلتعطه لهم وإذا كانوا على غير حقّ خرجت للناس وكشفت حقيقة ما يزعمون . وفي حالة الإصرار على الإضراب وأمام فشل عملية التسخير يجب على الحكومة أن تجد أو توفّر حلولا بديلة للدفع مع مراعاة تمديد الآجال لكافة المؤسسات ولكافة الأشخاص الذين يرغبون في قضاء شؤون لها علاقة مباشرة بقباضات المالية.

- على اتحاد الشغل أن يتدخّل فورا من أجل إيقاف الإضراب فورا ومن أجل ضمان التفاوض مع الحكومة من أجل الوصول إلى حلول جذرية تراعي مصالح الجميع وتراعي خاصة مصالح الناس التي ضربت في الصميم.

- على أعوان المالية المضربين أن يتّقوا الله في المواطنين التونسيين الذين لحقتهم أضرار جسيمة لا يمكن جبرها ... على الأقل من أجل تفادي " دعاء الشرّ " الذي يبدو أن السماء أمطرت به هذه المدّة وكأنها لم تمطر سابقا حتّى بربعه أو بجزء بسيط منه.

جمال المالكي 

التعليقات

علِّق