مصيبة : استهلاك " الزطلة " مطلب شعبي و أطالب بتقنينها و الدولة تبيعها لتحسين جودة التعليم

بين الحين والآخر تأتينا مصيبة من السماء السابعة لم نقرأ لها حسابا ... مصيبة تطلّ علينا من خلف الشاشة الصغيرة لتصدّع رؤوسنا بكلام أتعس من الظلام وأشدّ منه سوادا.
ومن بين المصائب التي ابتلينا بها في هذا الزمن الأغبر تلك التي تدعى " إشراف ناصر" التي أتحفتنا بطلعتها البهيّة يوم أمس من خلال قناة التاسعة لتفتي في أمور الدنيا بلغة الواثق من نفسه الذي لا يشقّ له غبار. فقد وضعت هذه المخلوقة نفسها مكان الشعب التونسي وقالت بكل ثقة في النفس إن استهلاك " الزطلة " مطلب شعبي وطالبت بتقنين هذه الآفة وطالبت الدولة بأن تعوّض من يزرعونها وأن تتولّى بيعها بمعرفتها ... لأن العائدات الماليّة المتأتية منها ستساهم في جودة التعليم في تونس.
بكل صدق لم يخطر ببالي أبدا أن عائدات " الزطلة " تساهم في تحسين نوعية التعليم وتضمن جودته . ولولا هذه العبقرية كنت سأموت دون أن أدرك هذه الحكمة العظيمة. وبكل صدق قد لا ألوم هذه المخلوقة بقدر ما ألوم من أتى بها لتبثّ هذه السموم . فهي قد تكون حرّة في قناعتها لكني على قناعة بأنها " مأمورة " لتأتي فتقول ما قالت وتدّعي أن الشعب التونسي أعطاها تفويضا لتتكلّم باسمه . ولعلّ ما يزيد من قناعتي بأن الأمور مدبّرة ( بكثير من الإخراج السيئ طبعا وكثير من البهامة ) ذلك التزامن الغريب الذي نراه هذه الأيام بين بعض القنوات ( وبالخصوص التاسعة والحوار التونسي ) في ما يتعلّق بالحديث عن " الزطلة " وعن المخدرات عموما في وقت واحد . فقد رأينا ما يشبه الحملة التي تجنّدت لها عدة أطراف في وقت واحد من أجل تغيير القانون 52 الذي أصبح فجأة وبقدرة قادر من أوكد أولويّات التونسيين في هذه المرحلة الصعبة بالذات ... ورأينا بعض الوجوه الكالحة وهي تدافع بكل شراسة عن " حريّة " استهلاك المخدرات " الخفيفة " وتعيب على الدولة قوانينها التي تجرّم هذا الاستهلاك .
وباختصار شديد فإن كائنات من كواكب أخرى تنزل علينا فجأة لتلقي علينا دروسها ومواعظها بإعانة من بعض وسائل الإعلام التي تمعن في التمثيل والمسكنة لتوهمنا بأنها فتحت منابر للنقاش لا غير ... والحال أنها متواطئة مع هذه المخلوقات وغارقة معها في هذا التوجّه المشبوه حتّى النخاع.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق