خلال المؤتمر الإقتصادي المنتظم بشرم الشيخ استطاعت مصر وفي اليوم الأول فقط أن تجمع هبات بمبلغ 14 مليار دولار أي ما يعادل 28 ألف مليار من مليماتنا  أي أكثر من ميزانية الدولة التونسية  دون اعتبار اتفاقيات المشاريع التي أبرمتها مغ دول كثيرة أو نالت فيها الموافقات المبدئية... السعودية دفعت 4 مليارات والكويت دفعت 4 والإمارات دفعت 4 ووعدت بإضافة ملياري دولار... وقبل انطلاق المؤتمر خططت مصر لإبرام صفقات بين 15 و20 مليار دولار ويبدو هذا من تحصيل الحاصل .

وطبعا لا نملك إلا أن نبارك للأشقاء في مصر هذا النجاح الذي سيعود بالنفع على اشعب المصري . لكن في نفس الوقت نتساءل : هل أن المصريين " أقوى منّا "  حتى يجمعوا في ربع ساعة ما نعيش به نحن في سنة كاملة ؟. لماذا تمنح  " الدول الأخرى " مصر هذه المبالغ ونعجز نحن في جمع حتى 500 مليار ؟.

إن هذه التساؤلات مشروعة لكن يجب أن نعرف كيف تدار الأمور ومن هي الدول التي لديها خزّانات من المال ومتى تمنح ومتى لا تمنح ... إلى غير ذلك من الأمور التي ليست في متناول فهم الجميع . فالدور الذي تلعبه مصر في المنطقة ليس نفس الدور الذي تلعبه تونس . وبعض دول الخليج التي تمنح مصر ما تريد وأكثر زارها مهدي جمعة بلدا بلدا ولم يجد منها الدعم المطلوب رغم قدرتها على مساعدتنا بأضعاف ما نطلب . لكن لماذا ؟... هذا هو السؤال . فبعض دول الخليج مستعدة لتتحالف مع الشيطان نفسه إن لزم الأمر بشرط أن تفشل تجربة " الربيع العربي " بكافة الطرق الممكنة وعير ممكنة بما فيها التجربة التونسية التي تريد أطراف أخرى أن تنجح على غرار فرنسا وأمريكا . ونحن أيضا ارتكبنا أخطاء كثيرة خاصة عندما عوّلنا على فرنسا الغارقة في الديون الخارجية حتى العنق وأمريكا التي لا تستطيع مساعدتنا نظرا إلى ظروفها الإقتصادية الصعبة أيضا . ومن هنا نفهم لماذا لا تساعدنا بعض هذه الدول ونفهم أيضا أن بعضها ما زال يحاول أن يفرض علينا شروطه كي يساعدنا ... ويبقى السؤال دائما : لماذا تخاف بعض الأطراف من نجاح  التجربة الديمقراطية في تونس أو في غيرها من البلدان العربية ؟. فقط لأن بعض البلدان العربية ترى في الديمقراطية طوفانا سيجرفها لأنها ضد مصالحها وأنماط عيشها بالأساس .

وتجدر الإشارة أيضا إلى أننا نظمنا منتديات ومؤتمرات اقتصادية بهدف جمع الدعم لكننا لم نغنم من الشاة سوى رجلها السفلى ... وهذا ما يفسّر في جزء على الأقل كيف تدار الأمور في العالم عموما وفي العالم العربي بالخصوص .

ج.م