مصائب قوم عند قوم فوائد : عندما تتحول معاناة الحجيج الى تجارة سياسية رخيصة
يواجه الحجيج التونسيون سنويا عديد الصعوبات خلال أدائهم لمناسك الحج في البقاع المقدسة على غرار المشاكل الصحية والسكنية وإشكاليات التنقل وتأخر السفرات وطول الانتظار في المطار مما يتسبب سنويا في وفاة عدد منهم في البقاع المقدسة . وقد بلغ عدد الوفيات خلال أحد مواسم الحج من السنوات الأخيرة من حكم المخلوع 300 حاج تونسي لكن الإعلام تعامل مع الموضوع في تلك الفترة بالصمت حتى لا يتم توظيف الحادثة سياسيا . في الموسم الماضي رافقت الفوضى و" الهمجية " حجاجنا الميامين فقد عانى الوفد التونسي الأمرين أثناء تواجده بمنطقة "منى" حيث لم يجد الحجيج اماكن ضمن الخيام الخاصة بالتونسيين التي كان من المفروض أن يقيموا بها .
كما عانى آخرون أثناء أداء مختلف الشعائر من غياب التأطير والعناية من المرافقين الذين وضعتهم شركة منتزه قمرت على ذمتهم وهو ما جعل كثيرين خاصة كبار السن والأميين يتيهون وسط الزحام .
وتذمر آخرون من تردي نوعية الأكل المقدم لهم ومن ظروف السكن المتردية ومن عدم تأمين ظروف النقل لهم .
عنف في البقاع المقدسة
و قد ظهر مقطع فيديو في تلك الفترة يتحدث فيه حجاج متقدمون في السن ، رجالا ونساء ،عن اضطرارهم للسير على الأقدام على طول 20 كم أثناء أداء المناسك للوصول إلى مبتغاهم وبدت عليهم علامات الارهاق قبل أن يتحول المشهد إلى مشهد آخر لا يشرف بالمرة سمعة التونسيين خاصة في مكان مقدس من المفروض أن تغيب فيه بعض المظاهر التونسية الصرفة التي تعودنا عليها في شوارعنا .
حيث اندلعت معركة حامية الوطيس بين حجاج تونسيين عندما منع أحدهم ( يبدو أنه تابع لمنتزه قمرت ) حاجا من تصوير شهادة حجاج آخرين كبارا في السن عن معانتهم وافتك آلة التصوير منه وهو ما جعل صاحب آلة التصوير يتهمه بأنه من رموز النظام البائد بما أنه تصرف على ذلك النحو ومنع حرية التعبير .
للحجيج نصيب من المسؤولية
"فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" آية كريمة لم يوجد لها معنى ولا تطبيق بمخيم التونسيين بمنطقة منى لقضاء أيام التشريق ورمي الجمرات وقضاء هذه الأيام في التعبد وقراءة القرآن والذكر، وحسب جريدة الصباح التي تابعت تفاصيل موسم الحج لسنة 2011 فقد كثر الجدال، وكثر معه تعالي الأصوات والاحتجاجات والبكاء وأحيانا "الفدلكة" والخوض في الأعراض والفوضى من حيث نظافة المكان، فانتشرت الأوساخ بالرغم من وجود ما لا يقل عن 75 حاوية فضلات موزعة بكامل المخيم وتسخير العشرات من الأشخاص الموكول لهم تنظيف المكان.
الحج يتحول الى ورقة سياسية
معاناة الحجيج في المواسم الاخيرة وحتى في الموسم الذي عقب ثورة الحرية والكرامة ،تعامل معها رجال الاعلام والسياسة بالصمت ، لكن في الموسم الحالي انقلبت المعادلات وباتت كل حادثة توظف سياسيا لغايات "حزبية " ضيقة . وليس ادل على ذلك من فبركة أخبار وهمية تتعلق بحجيجنا رغم ان وساءل الاعلام الوطنية والخاصة أرسلت " جيشا " من المراسلين . فحادثة ضياع بعض الحجيج التونسيين قبل العثور عليهم تعاملت معها شخصيات وطنية في تونس بمثابة الطامة الكبرى التي حلت بالبلاد ،والحال انها حادثة عرضية يتعرض لها كل الحجيج من مختلف الجنسيات . وطبيعي في كل موسم حج أن يلبي عشرات الحجيج وخصوصا منهم الطاعنين في السن نداء المولى وهذه أمنية أقاربهم – وفق شهادة ابن أحد الحجيج – لكن حلم الموت و"الشهادة " في البقاع المقدسة قد يتحول الى ورقة سياسية قذرة يتاجر بها بعض السياسيين الذين لا يتركون حيا او ميتا خارج تجارتهم السياسية الرخيصة .
على أية حال يبقى تقييم الموسم الحالي للحج سابقا لأوانه قبل عودة الوفد التونسي من أرض الحرمين ، وكل ما نخشاه أن نشاهد فصولا من التهريج السياسي والفتاوى السياسية من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالحج ومناسكه لا من قريب أو بعيد .
التعليقات
علِّق