مشهد شهري متكرّر: اكتظاظ رهيب أمام مكاتب البريد والدولة تساهم في انتشار الوباء ؟

مشهد شهري متكرّر: اكتظاظ رهيب أمام مكاتب البريد والدولة تساهم في انتشار الوباء ؟

تشهد مكاتب البريد  بكامل تراب الجمهورية مع نهاية كل شهر  اكتظاظا كبيرا  واختلاطا لا مثيل له لمواطنين يرغبون في صرف جرايات التقاعد التي ما زالت للأسف تصرف بطرق أغلبها بدائي ومتخلّف.

هذا المشهد يتكرر قبل بداية الجائحة وخلالها وقد اهتدى البريد التونسي في وقت من الأوقات إلى حلّ كان يخفف قليلا من الاكتظاظ الذي يسببه " هجوم " المواطنين المستفيدين على مكاتب البريد في وقت واحد وفي يوم واحد وقد كان الحل في توزيع صرف الجرايات على 3 أو 4 أيام وكان البريد التونسي يبعث إرساليات قصيرة تفيد المستفيد بأن عليه أن يذهب إل مكتب البريد الأقرب في يوم معيّن وبداية من ساعة معيّنة.

أما اليوم ( وفي الحقيقة منذ بضعة أشهر ) فقد انقطعت تلك الإرساليات وعاد الناس إلى الطريقة التقليدية القديمة في استخلاص جراياتهم وهذا ما يزيد الوضع الوبائي تعقيدا على تعقيد ... وبمعنى آخر فإن الدولة تساهم ( عن وعي أو عن غير وعي ) في تعريض الناس إلى خطر الإصابة بالفيروس والحال أن الحلول موجودة ولا تحتاج إلا إلى قليل من التنظيم لتجنّب ما هو أسوأ وأخطر:

العودة مبدئيا إلى نظام الإرساليات القصيرة الذي يوزّع المستفيدين على 3 أو 4 فرق ويجنّبهم بالتالي الذهاب إلى مكاتب البريد في يوم واحد ووقت واحد.

- الشروع في تعميم بطاقات إلكترونية بريدية تسمح للمستفيدين بسحب أموالهم ( أو أجزاء منها ) من الموزعات الآلية شريطة أن تقوم الصناديق الاجتماعية بتنزيل جراياتهم في حسابات بريدية ما زال البريد التونسي ( أو جزء منه على الأقل ) يرفض فتحها أو تسهيل فتحها للمستفيدين لأسباب غير مفهومة.

- بما أن تلك الجرايات قارة ولا تنقطع إلا إذا توفرت قانونيا أسباب قطعها فلماذا لا تقوم إدارتا " الضمان الاجتماعي " و " التقاعد والحيطة الاجتماعية " بتنزيلها في تواريخ مختلفة كي تصل إلى أصحابها في تواريخ مختلفة تجنّب الاكتظاظ الشهري أمام مكاتب البريد .

- إذا قام البريد التونسي بفتح حسابات لكافة المواطنين الذين يأتون كل شهر لصرف جراياتهم فإن ذلك سيمكّنهم من السحب من الموزعات خلال كافة أيام الشهر على أن يحدد مسبقا سقف المبالغ التي يتم سحبها . وبهذه الطريقة سيتقلّص الاكتظاظ بصفة كبيرة وسيصبح تعاملنا مع هذه " الظاهرة المتخلّفة " تعاملا حضاريا يواكب العصر ويمنع حدوث " البلاوي الزرقاء "... وهذا ممكن ومتاح ولا يحتاج من الدولة أن تنفق من أجله ملّيما واحدا .

ملاحظة :

الصورة المعروضة أخذت اليوم من أمام مكتب البريد بزغوان التي تعيش وضعا صحيّا كارثيا مثلما نعلم علما بأن أكثر من 25 موظفا بمكاتب بريد مختلفة بالجهة مصابون بفيروس كورونا مما أجبر الإدارة الجهوية على غلق 4 مكاتب .

وفي المقابل فإن المواطنين في زغوان أعربوا عن استنكارهم لغلق  تلك المكاتب  ودعوا  إلى تعزيز الموارد  البشرية وفتحها لتمكينهم من قضاء شؤونهم وتخفيف الضغط على بقية المكاتب.

جمال المالكي

 

التعليقات

علِّق