محمد الفهري شلبي : سقوط المضامين التلفزية إلى مرتبة الزبلة لا يبرر الدعوة إلى مقاطعة التلفزيون

لاقت المشاهد التلفزية التي بثتها قناة التاسعة في سهرة أمس السبت بتقديم من نوفل الورتاني ردود فعل عنيفة في الشارع التونسي.
واعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي ان ما بثته التاسعة يمثل انتهاكا للمرأة التونسية ولكرامتها.
زفي هذا الاطار علق الاستاذ بمعهد الصحافة الدكتور محمد الفهري شلبي على الحادثة كما يلي :
سقوط المضامين التلفزية إلى مرتبة الزبلة لا يبرر الدعوة إلى مقاطعة التلفزيون لثلاثة أسباب أساسية:
1-المجال الكهرومغناطيسي ملك للمواطنين مما يعني أن مقاطعة التلفزات هو أن يتخلى المواطنون عمّا يملكون لشركات لا تملك. هو تفريط في الملك العمومي لمن يدفع وبثمن بخس. ولا معنى للثمن حتى إن ارتفع فتلك مسألة سيادة. تخيلوا أن مالك بيت يتخلى عن بيته لمن استأجره لمجرد أنه حوله إلى ماخور فيكون ذلك الخبل بعينه.
2-والمقاطعة لا تستقيم أيضا لأننا نعيش في مرحلة نسميها "عصر ما بعد التلفزيون" أي عصر مشاهدة المضامين التلفزيونية متشظية على 4 شاشات وهي شاشة التلفزة وشاشة الألواح وشاشة الكمبيوتر وشاشة الهواتف الذكية. فإن نحن قاطعنا شاشة التلفزة ستلاحقنا تلك المضامين على الشاشات الأخرى وهو ما حدث لعدد كبير منكم إذ اكتشفتم ما اكتشفتم على إحدى الشاشات الثلاثة المتبقية. لقد تغير استهلاكنا للتلفزيون تغيرا عميقا.
3-والمقاطعة لا تستقيم كذلك لأن المتسبب في الزبلة أولا وآخرا هي المنظومة بأكملها، بفاعليها السياسيين وبنا نحن وبما نسميه إعلاما. إذا لم يحركنا فساد الدواء والطعام ولم يحركنا المرض والفقر والنهب ولم يحركنا الظلم والقهر، وإذا أصبحت البلاد مزبلة لإيطاليا فما بالنا نستشيط غضبا لبرنامج تلفزي زبالة؟ هناك في السياق الحجاجي حجة تُسمى بالكل والأجزاء تقول اختصارا إذا كان الكل فاسدا فلن تجد جزءا سليما. هل تريدون وردا على كدس من الغائط؟ ممكن لكنه يبقى وردا برائحة الغائط وبملمسه.
فإما أن نصنع نحن قدرنا بأيدينا أو أن نتأقلم مع ما يُصنع لنا فنغرق. لا وجود لمنزلة بين المنزلتين.
#zeblagate
التعليقات
علِّق