مثلما نرفض اعتداء الأمن على المواطن وندينه فالاعتداء على الأمنيين مدان أيضا ومرفوض

مثلما نرفض اعتداء الأمن على المواطن وندينه فالاعتداء على الأمنيين مدان  أيضا ومرفوض

ما حدث يوم أمس السبت 30 جانفي 2021 بشارع الحبيب بورقيبة يستحقّ منّا أن نحاول فهمه وأن نستخلص منه بعض الجوانب التي لا بدّ من استخلاصها. فلأوّل مرة في التاريخ تقريبا مرّت احتجاجات ( سلميّة أو غير سلميّة ) دون أن يتدخّل الأمن بشيء من العنف ودون أن تسجّل اعتداءات على المحتجّين بقطع النظر عن تلك الإعتداءات ودرجة خطورتها .

يوم السبت رأينا أعوان الأمن على درجة كبيرة من الانضباط والتحكّم  في النفس وضبطها ولم يردّوا على أي نوع من الاستفزازات التي كانت كثيرة وتراوحت بين السبّ والشتم والرشق ببعض القوارير أو الدهن أو الدفع أو ما شابه ذلك .

أما ضبط النفس الذي بدا للعديد من الناس غريبا لأنه لم يكن مألوفا فهو  يعود حسب ما  علمنا إلى تعليمات صارمة من وزارة الداخلية بضرورة التحلي بالصبر وغضّ النظر وعدم الرد على أي استفزاز مهما كان . وأما الاستفزازات في حدّ ذاتها فهي أغرب وليست مفهومة لأن لا يوجد ما يبرّرها . فإذا كانت الاحتجاجات سلمية والمراد منها إبلاغ رأي أو موقف أو مطالب ولم تجابه بتدخّل عنيف من قبل أعوان الأمن فما الذي يدعو إلى استفزازهم أو التعدّي عليهم بالسب أو غيره إلا إذا كانت هناك نوايا مسبقة ومخططة لتسميم الأجواء مهما  كانت الظروف التي تجري فيها الاحتجاجات. وهذا الاستنتاج يدعو إلى ضرورة أخذ الأمور بكل جديّة لأن هناك قناعة تامة تقريبا بأن الغايات من التحركات الاحتجاجية لم تعد إيصال صوت الشارع لمن يحكمون والتعبير عن رفض سياسة ما أو تصرّف ما بل الغاية قد تكون عند البعض بثّ الفوضى في أي تحرّك احتجاجي من أجل الدفع نحو التصادم بين الأمن والمحتجين عسى أن تسقط ضحايا وأن يساهم ذلك في تنفيذ المخطط الجهنّمي الذي يريده البعض لهذه البلاد.

وبين هذا وذاك هناك تخوّف حقيقي اليوم وأكثر من أي وقت مضى خاصة عندما نقرأ البعض مما جاء على صفحات أمنية تابعة للنقابات حيث دعا البعض صراحة إلى إطلاق أيادي الأمنيين للردّ على أي " اعتداء " من قبل المحتجّين بكل عنف وبكل حزم مثلما جاء على بعض المواقع . وقد دعا بعضهم أيضا إلى ضرورة التسريع بالمصادقة على قانون تجريم الإعتداء على  قوات الأمن وبالتالي تطبيقه فور المصادقة عليه ونحن نعرف جميعا النقائص العديدة التي يتضمنها هذا القانون و" الأسلحة " التي سيتمكّن منها الأمنيون في صورة مروره وهي أسلحة تهدّد كل ما بنيناه  على درب الانتقال الديمقراطي خاصة في ما يتعلّق بالحريات بمختلف أنواعها.

ولعلّ الخلاصة في هذا المقال هي أن الإعتداء على قوات الأمن مرفوض  ومدان بكل المقاييس ولا داعي لتبرير ما لا يمكن تبريره مثلما يفعل البعض أو يحاول. فمثلما نرفض أي تدخّل عنيف لقوات الأمن ضدّ المواطنين في أي فضاء كان  وندينه بكل شدة يجب أن نرفض وأن ندين أي تدخّل وأي اعتداء على قوات الأمن خاصة إذا كان التعدّي مجانيّا ولا  شيء يدعو إليه.

ج - م  

التعليقات

علِّق